- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

انتخابات… بنكهة روحانية

طهران – نجاة شرف الدين (خاص)
من يزور ايران هذه الأيام ويلتقي أهلها وناسها ويمشي في شوارعها ويُحتجز لساعات في ازدحام سيرها ويشعر بتلوثها ، لا بد ان يلاحظ أيضا ، حالة الاعتراض التي يبديها أبناؤها في نقاشاتهم وأحاديثهم حول الازمة الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية ، معتبرين ان التوقعات المتفائلة التي وُعدوا بتحقيقها بعد توقيع الاتفاق النووي ورفع العقوبات ، لم تحقق الكثير ، لا بل لم تحقق شيئا ، ولو انها حققت معنويا الحرية بالاعتراض ، من دون ان تتجاوز حد الكلام .
اجواء الحملات الانتخابية تبدو ظاهرة في يوميات الإيرانيين وفِي متابعاتهم للمناظرات التلفزيونية ، التي جذبت الكثيرين سيما ان المتنافسين انقسموا بالتساوي بين ثلاثة مرشحين محافظين وثلاثة معتدلين إصلاحيين . ما يميز هذه الحملات هو حجم الاتهامات المتبادلة بالفساد وسوء الادارة  كما ان الرئيس المرشح حسن روحاني يبدو عرضة لهذه الاتهامات من موقعه في السلطة وتحميله مسؤولية عدم الإنجاز في الملفات الاقتصادية .

في أي حال، فإن صورة الثورة الخضراء وما تبعها من احداث في العام 2009 ، جعلت الإيرانيين لا يبدون حماسة في التحرك في الشارع ، انطلاقا من القيود التي وضعت وما تلاها من احكام بالإقامة الجبرية على عدد من القيادات الإصلاحية ، اضافة الى التحذيرات من عدم الاستقرار الداخلي والفوضى والايحاء بالتدخل الخارجي واثارة النعرة القومية لدى الإيرانيين . كما ان وجود الرئيس روحاني ، وعلى الرغم من الانتقادات العديدة لأداءه وعدم تحقيقه الوعود التي تعهد بها ، إلا ان الشارع الايراني ليس مهيأً بعد للتخلي عمن قام بمهمة الانفتاح على الغرب وحقق بعض الإنجازات في مجال الحريات العامة والثقافية والسماح باستخدام وسائل التواصل ، ما عدا الفايسبوك الذي لا يزال ممنوعا ، وهو ما أظهرته استطلاعات الرأي التي لا يزال متقدما فيها على منافسيه .

اما في الخطاب الانتخابي والبرامج المطروحة  ، فتبدو السياسة الخارجية غائبة عن النقاشات لصالح الهموم الحياتية ، وهو ما يؤكده العديد من المراقبين اللذين يعتبرون ان السياسات الخارجية العامة للدولة يحددها المرشد الأعلى السيد على خامنئي وبالتالي فالاختلاف بين المحافظين والاصلاحيين في اُسلوب إدارة هذه السياسة وليس في استراتيجياتها وأهدافها ، ومن هنا فان النقاش الانتخابي حول الاقتصاد المقاوم والاقتصاد الانفتاحي واتهام روحاني ، حتى من بعض المعتدلين ، بأنه ربما بالغ في توجهاته الغربية أكثر مما هو مطلوب منه .

وعندما يتم السؤال عن اي رئيس ولأي مرحلة ، انطلاقا من سابقة ان الرئيس الايراني السابق محمود احمدي نجاد جاء لمواجهة الرئيس السابق جورج بوش الابن ، وان وصول الرئيس دونالد ترامب الى البيت الابيض ربما يحتاج الى احمدي نجاد جديد ، يعتبر مقربون من روحاني ان نجاد لم يأتِ لمواجهة بوش وان الظروف اليوم مختلفة وترامب سيجد ان الوقائع ليست كما يراها هو فقط ويجزمون بان المرحلة  الصعبة في ايران اليوم تحتاج بالضرورة الى رئيس … بنكهة روحانية …