- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الجنابي: المرأة والقطار بين الوهم والعبث وما بعد زوال الكائن

طيب ولد العروسي (خاص)
صدر حديثا للكاتب والشاعر عبد القادر الجنابي نص سردي بعنوان: “المرأة والقطار: قصة تحليليّة… بوليسية بالخطأ”، الصادرة في بيروت، عن منشورات دار التنوير للطباعة والنشر. يوهمنا الراوي (الأنا الساردة والمشاركة في السرد)، بأن “شخصان” (بطل الرواية)، سيكون ميسورا بعد أن يلتقي طارق، فيجد بديلا لبؤسه النفسي والمادّي، غير أننا أمام عالم عبثي يلعب فيه الخيال دورا أساسيا، وفي مقابل ذلك، يوهمنا الراوي بأننا نتابع قصة واقعية حيث يأخذ البطل القطار واصفا لنا رحلته، التي تنتهي حينما يجد من ينتظره قد قتلته امرأة، وفي نفس الوقت، تم القضاء على “برهان” الذي أمر شخصان بلقاء طارق، وهنا يجد “شخصان” نفسه في التحقيق مع الشرطة التي برّأته بعد أن توصّلت إلى القاتلين. فركب القطار عائدا من حيث أتى.
يدخلنا الراوي في فضاءات دلالية مليئة بالتساؤلات حول ما بعد نهاية الكائن، وذلك بعد اصطدام القطار الذي كان فيه بقطار آخر، ليبين لنا بان البطل ساذج، ولا يحتاط، فهو كائن يسير في أرض الله دون أن يحتاط، والوحيدة التي منحته بعض الثقة والأمان، هي صديقته “نادية” التي لعبت دورا ولو يسيرا في توازنه النفسي.
إنه نص سردي ينقلنا من القطار إلى الشرطة، ومنها إلى الفندق ثم الحلم، والشرطة واكتشاف المدينة وأخذ مشروب مع القاتلة سلوى ثم حادث القطار المميت، وكأننا أمام “الدمية الروسية” مستمرين في اكتشاف الكائن في عدة أمكنة تنفتح على بعضها. لم يفعل الراوي مثلما فعل المعرّي في “رسالة الغفران”، التي تطرق فيها إلى وجود كتاب وشخصيات في العالم الآخر، بل راح الراوي يطرح الأسئلة الكبرى التي حيّرت الفلاسفة والمتمثلة فيما بعد انقراض الكائن، حيث يستشهد بمقولة للكاتب الجزائري محمد ديب “ما من أحد عاد ليروي لنا ما حدث”، وهي ذات دلالة كبيرة في مسار “شخصان” العبثي، إذ نبقى أمام سؤال ما وقع هل هو حلم، أم عبث، أم توهم، أم واقع، أو كل ذلك مجتمعا؟…