- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

«مجتهد» يروي تفاصيل لجوء الأميرة سارة بنت طلال

نهاية الشهر الماضي، كشف المغرد السعودي «مجتهد» عبر حسابه على موقع «تويتر» عن وجود شخصية من العائلة الحاكمة السعودية طلبت اللجوء إلى بريطانيا قبل أن يوضح بعدها بأيام أن هذه الشخصية ليست سوى الأميرة سارة بنت طلال بن عبد العزيز، بعد أن استنفدت فرص البقاء في الخارج وتحديداً بريطانيا نتيجة رفض سفارة المملكة العربية السعودية تجديد زواج سفرها.

أيام قليلة مضت قبل أن يصدر الخبر في الصحف البريطانية ليتبين صحته. في ما يلي التفاصيل الكاملة للقضية والخلافات التي طبعت علاقة الأميرة سارة بوالدها طلال وأخاها تركي، فضلاً عن محاولات الإبتزاز التي تعرضت لها بتوجيهات من رئيس الديوان الملكي، خالد التويجري، وفقاً لما قدمه «مجتهد».

*حينما غادرت سارة مع أطفالها الأربعة سنة 2007 كان خروجها طبيعياً ولم تكن تنوي القطيعة مع البلد بل إنها عادت لزيارة سريعة ثم غادرت مرة أخرى. وفي سنة 2008 حصل بينها وبين والدها خلاف وطالبها الوالد بالعودة، فرفضت لأنها توقعت أن يكون مصيرها سجن في القبو لسنوات مثلما حصل لأخواتها.

فأصل الخلاف وحيثياته بقيت سراً بينهما. وحسب ملفات وزارة الداخلية هو ظلم صريح بل جريمة من والدها لكن احتراماً للطرفين لن اذكر التفصيل.

ويضيف «مجتهد»: اتصل طلال بالتويجري وطلب فزعته فاستجاب له التويجري فوراً وذلك بسبب التقارب النفسي والمصلحي بينهما فالمؤامرة بيهنما قديمة والمصالح متبادلة. واستفاد التويجري مما لديه من قدرات وعلاقات في الديوان وتعاون مع طلال في تجفيف كل مصادرها المالية من أجل أن تضطر للعودة راغمة. وعندما لم يفلح هذا الابتزاز، حضر التويجري بنفسه للندن ورتب مع السفير تفريغ محام لانتزاع حكم قضائي بريطاني بحضانة أطفالها لوالدهم المقيم في المملكة. وكانت سارة متعلقة جداً بأطفالها الأربعة وكان التويجري يتوقع أنها تخسر القضية فتأتي للرياض مرغمة لكن لسوء حظه كسبت القضية بعد معركة طويلة. وحين جفت مصادرها المالية تخلى عنها الجميع بمن فيهم نايف وسلمان، مراعاة لوالدها وبقيت مثل المشردة مدة طويلة إلى أن حصل ما قلب الموازين في 2009. ففي سنة 2009 توفيت والدتها وكانت الوالدة تملك عقاراً في المملكة ولبنان ومصر وبلدان أخرى ومجوهرات شركات وأصول أخرى وسارة ترث 25% منها. وهنا كان لا بد لطلال ومعه خالد التويجري من التحايل سريعاً لحرمانها من أي نصيب في الإرث حتى تبقى تحت الحصار المالي وتضطر للعودة رغما عنها. وانطلقت معركة الارث. بدأها التويجري بانتزاع صك من قاضي العائلة أحمد العريني يزعم فيه أنها تنازلت عن نصيبها وأراد ان يحرمها بموجبه من كل الإرث في أي مكان.
ويوضح «مجتهد» أن قصة العريني مع سارة بدأت بعد وفاة والدتها وتكليفه بحصر الإرث فاتصل بوكيلها في الرياض وأخبره أنه كلف بذلك وأنه سيتعامل مع القضية بتجرد وحيادية. ومارس العريني ضغطاً شديداً على سارة للحضور شخصياً للرياض لحسم قضية الإرث فرفضت. وأكدت أن الحصر واضح ولديه ما يكفي من الوثائق للحكم بنصيب كل طرف. وحين أيس العريني من إلزامها بالحضور، هدد بأنه سيحكم بما يراه وهي تتحمل مسؤولية غيابها فردت بأنها ستلجأ للقضاء اللبناني والمصري إذا هضم حقها.

وخوفا من أن يُحرج الديوان بأحكام من القضاء اللبناني والمصري قرر العريني أن يحضر بنفسه للندن ويقابل سارة ثم يجري تسوية بينها وبين شقيقها تركي.

وفي التفاصيل، حضر العريني إلى لندن وإذا بمقابلة سارة تتحول إلى استجواب يشبه استجواب المعتقلين في السجون السعودية وبالطبع منعها القاضي من حضور المحامي. وعلى الإثر، تعرضت سارة لسيل من الأسئلة عن اتهامات بعلاقات سياسية مشبوهة وانحرافات في العقيدة وملاحظات تقدح في الدين والانتماء الوطني.

احتجت سارة على القاضي أنه أولاً يمارس دور مدعي عام ومحقق وليس قاض، وثانياً يسأل عن قضايا ليست من اختصاصه ولا علاقة بها بالإرث. وأصرت سارة أنها لا تتعامل معه إلا على توزيع الإرث وأي ملاحظات على وطنيتها وسلوكها ودينها فهي مستعدة للمثول أمام الجهة المخولة وليس هو.

وبعد عدة أيام من المحاولات الفاشلة في استجواب سارة، قرر العريني أن يجمعها مع شقيقها في جلسة زعم أنها جلسة تسوية نهائية لحسم موضوع الإرث. وتمكنت سارة من تسجيل هذا اللقاء الأخير، واستخدمته فيما بعد كوثيقة مع القضاء اللبناني والمصري كما وضعته من ضمن أدلة حاجتها للجوء في بريطانيا.

وفي التسجيل، يمكن سماع تركي يعترف أنه استولى على أموال من بنوك وتلاعب بأوراق قبل وبعد وفاة والدته وهو ما تجاهله القاضي كما تبين في التسجيل.

وفي التسجيل طامة أخرى، حيث يتهم تركي الملك عبدالله شخصياً بأنه خلف محاولات خطف تعرضت لها سارة وهذا كذلك تجاهله القاضي ولم يلتفت إليه. وفي نهاية الجلسة، فاجأ القاضي سارة بصيغة تسوية فيها تعهدات سياسية ودينية لا يوقع عليها عادة الا المعتقلين السياسيين فرفضت سارة رفضاً باتاً. وحين أصر القاضي على توقيع التعهدات، غضبت سارة وغادرت مقر الاجتماع قائلةً إنها ترفض أي تسوية قائمة على تعهدات إلا اذا كانت متصلة بالإرث. وبالرغم من عودة العريني للرياض، لكنه استمر يضغط على سارة مستعيناً بالديوان الملكي وأطراف أخرى قوية في الأسرة ومهدداً بتبعات خطيرة فأصرت على الرفض.

وحين يأس العريني من موافقتها، جازف الأحمق بخطوة خطيرة أودت به للمخاطر وسبب مجازفته هو ضمانات من التويجري بحمايته إن نفذها.
أما الخطوة فلم تكن سوى إصدار صك منه شخصياً بصفته القضائية، يفيد بأنها تنازلت عن حصتها في الإرث صاغه على شكل شهادة إخبارية منه أنها تنازلات عن نصيبها. ولم يكتف بذلك بل أصدر صكوكا أخرى مبنية على تنازلها المزعوم بتنازلات تفصيلية عن كل عقار بذاته وخاصة عقارات مصر ولبنان وجنيف وأموال غير منقولة. أما حين صدرت تلك الصكوك، بادرت سارة بإبلاغ الجهات الرسمية في لبنان ومصر وجنيف أنها لم تتنازل عن شيء وأن هذا الصك بمثابة تزوير ولا يعتد به. وعندما علم العريني بذلك اتخذ خطوة مضادة في كل من لبنان بدعم من الديوان وبتعاون من سفارات المملكة التي تأتمر بأمر الديوان لتأكيد الصكوك.

في لبنان نسق العريني مع المحكمة الشرعية (المهتمة بالإرث بين المسلمين) لتعطيل تنفيذ حصر الإرث الذي نجحت سارة في توثيقه في لبنان. أما في مصر، فتفاهم من خلال الديوان الملكي مع وزير العدل المصري السابق في إصدار أمر تنفيذي بالغاء حكم القضاة المصريين بعدم الاعتراف بصك تنازلها.

في مصر تفاهم من خلال الديوان الملكي مع وزير العدل المصري السابق في إصدار أمر تنفيذي بالغاء حكم القضاة المصريين بعدم الاعتراف بصك تنازلها. ولكن المعركة منذ ذلك الحين تحولت لصالح سارة حيث نجحت سارة في إقناع القضاء اللبناني أن يعتبر هذه الصكوك مزورة ويعتبر القاضي مزوراً.

وبناءً على هذا الاعتبار، انتزعت سارة ما يسمى باستنابة قضائية من قضاة التحقيق في لبنان لاستجواب القاضي العريني على تزويره ومحاسبته جنائياً. حين سلمت الاستنابة القضائية للسلطات السعودية عن طريق الانتربول انقلبت الموازين بالكامل لأن القضاء السعودي صار تحت مساءلة القضاء اللبناني.

وهنا اضطر الملك أن يتدخل لإيقاف الفضيحة وبدأ الضغط على تركي وطلال والعريني لتسوية مرضية لسارة خاصة بعد أن انتشرت القصة في الإعلام اللبناني. وهنا حاول التويجري الالتفاف على الموضوع فاختار عضو مجلس الشورى السابق خليل الخليل المعروف بتجارب استخباراتية لأداء مهمة اقناع سارة بالتراجع.

قدم خليل نفسه لوكيل سارة في الرياض بصفته مخولاً من جهات عليا لحسم الموضوع، ويبدو أن الوكيل اقتنع فحرص بقوة أن يقنع سارة بقبول وساطة خليل.

وافقت سارة على التعامل معه وطلبت منه مقابلة أحد المحامين من طرفها في الرياض فلم يصل معه إلى نتيجة فطلبت منه مقابلة المحامين في لبنان.

سافر خليل فوراً للبنان وقابل محامي سارة هناك وحاول اقناعه بضعف قضيتها وأن لها علاقات مشبوهة وأن خصمها ليس شقيقها فقط بل الدولة كلها.

في رده على خليل، حدد محامي سارة السؤال ما هو المطلوب بناء على كل ذلك. فرد خليل إن المطلوب هو إلغاء الدعوى وقبول سارة بأي عرض من شقيقها.

رفض المحامي طلب خليل، فرجع خليل للرياض بخفي حنين لكنه بعد أيام فاجأ سارة باتصال من فندق ميلينيوم في لندن وأصر على أن تقابله سارة شخصياً.

حاول خليل أن يكون اللقاء في مكان يختاره هو، لكن سارة أصرت على مكان تختاره هي ويكون مفتوحاً يصعب أن تقترف فيه جريمة خطف أو ماشابه. تم اللقاء في فندق مشهور، وكانت سارة متوجسة فأحضرت معها خبراء حماية ومعهم أجهزة تسجيل ورصد وحسناً فعلت لأن حضورهم نفع كما سنرى بعد قليل.

تعرضت سارة في اللقاء لاستجواب، يشبه استجواب القاضي عن علاقاتها ونشاطاتها وإن كانت سبق أن ألفت كتب بدعم إيراني أونشاطات مشابهة. وكرر خليل السؤال المطالبة بسماع التسجيلات التي سجلت فيها سارة فيها حديث القاضي في اللقاء الذي حضره شقيقها في لندن فرفضت أن تعطيه أياً منها.

حين رفضت سارة الأسئلة ونفت الادعاءات، أصر خليل على أن العائلة لديها ما يدين سارة وأن لا خيار لديها إلا الرضوخ وإلغاء الدعوى في لبنان. وحين أظهرت سارة الرفض أخبرها خليل بأنها ستخسر كل شيء لأنه لن يقف معها أحد لا من العائلة ولا من غيرها وليس لديها خيار إلا التنازل.

وحين ردت سارة بأن القضية متروكة للقضاء اللبناني، أخبرها أن «جهات عليا» رصدت 100 مليون دولار للتأثير على القضاء اللبناني لقلب القضية ضدها. فجأة طلب خليل تغيير المكان وحين سألت سارة لماذا لم يكن لديه إجابة وأعطى مبررات بارتباك فرفضت سارة وقررت المغادرة تبعاً لنصيحة فريق الحماية.

كان خليل متوتراً وقلقاً كما بدا في تسجيل فريق الحماية، وتبين أنه يتعامل بإشارات معينة مع أشخاص آخرين رصدهم فريق الحماية خلال الاجتماع. لهذا السبب قرر فريق الحماية التعجيل بإبعادها خوفاً عليها، وبعد انصرافها حدث أمر معين يدل على صحة حدس الحماية لكن لا أستطيع ذكره الان.

بقي خليل أربعة أيام في لندن يكرر الاتصال على سارة مستميتاً في إقناعها بمقابلة أخرى واستعداد للتفاهم لكنها رفضت آخذة بنصيحة الحماية.

نقلت سارة ما حصل بالكامل لوزارة الداخلية والخارجية وأخبرت الداخلية أن خليل يصر على أن الأمير نايف مؤيد ومبارك لوساطته وهو ما نفته الداخلية. عاد خليل الخليل للرياض ويبدو أن زعمه الكاذب عن الأمير نايف تسبب في «علقة» أدت به لإعادة صياغة التقرير الذي قدمه للديوان ليكون لصالح سارة.

وبعد فشل ترهيب سارة عن طريق الخليل، لجأ غريمها مدعوماً بالديوان لخطوة تدل على استماتة في منع الشكوى ضد القاضي قناعة بخطورتها عليه وعلى الديوان. حضر إلى لبنان أحد أخويا تركي بن طلال (غريم سارة) بتنسيق مع الديوان الملكي من أجل مقابلة قاضي التحقيق الأول ومحاولة رشوته لرفض الدعوى.

قامت السفارة السعودية في لبنان بتفريغ أحد محاميها لتسهيل أمور خوي تركي ورافقه فعلاً في زيارة واستخدم الإثنان غطاء السفارة لمقابلة القاضي. حضر خوي تركي لمكتب قاضي التحقيق الأول لابساً البشت برفقة محامي السفارة فقابلهم القاضي بحذر وفهم منهم أن المعروض رشوة لإيقاف القضية. لم يكتف القاضي برفض العرض بل طردهما بطريقة مهينة، وأخبرهما أنه لولا استخدام غطاء السفارة والحصانة لبدأ ضدهما إجراءات جنائية.

تسرب خبر المقابلة لمحامي سارة، فبادرت سارة بإخبار وزارة الخارجية والتي من طرفها استجوبت السفير فاعترف أن لديه توجيهاً من الديوان الملكي. بعد أن فشت محاولة رشوة القاضي، توجه غريم سارة مدعوماً بخالد التويجري لتصرف غريب وفيه مجازفة خطيرة لا يحصل إلا عند من اغلقت أمامه كل المنافذ.

استهدفت المحاولة هذه المرة نفس محامي سارة وذلك باستخدام محامي السفارة مرة أخرى رغم توبيخ الخارجية بعد محاولة رشوة القاضي مع انها توبيخ بارد.

عرض محامي السفارة على محامي السفارة مليون دولار، وحين رفض استمر يرفع العرض إلى أن وصل إلى 4 ملايين دولار وكانت كل المقابلة مسجلة بالكامل.

تمكنت سارة من الحصول على التسجيل وأوصلته للخارجية وأحتجت كيف تكرر السفارة هذا التصرف مرتين فاحتمى السفير مرة أخرى بأن لديه توجيه من الديوان. ولم تستطيع وزارة الخارجية اتخاذ اي خطوة تجاه السفير أو تجاه محامي السفارة بل بالعكس كان وضع محامي السفارة بعقد مؤقت وتحول إلى عقد دائم.

حين أيأس غريم سارة من ايقاف القضية قامت السفارة بتوجيه دعوة لمحامي سارة لاجتماع للتفاهم وعرضت على سارة من خلاله شيكاً مفتوحاً من الديوان الملكي.

وكان المحامي خلال الاجتماعي باتصال مستمر مع سارة وبين لها أن الشيك مفتوح فعلاً حتى لو طلبت ضعف ما يمكن أن تكسبه من الإرث بشرط تسحب القضية.

استفسرت سارة عن العرض هل هو من الملك شخصياً أو من التويجري وتبين أنه من التويجري فركبتها نعرة آل سعود وقالت لو أعطاني التويجري مليار لن أقبل. لم تتمكن السفارة من إقناع سارة بالشيك والغي العرض واستمرت القضية بعد ذلك، وحصلت تطورات أدت إلى اضطرار غريم سارة على التسوية.

وحسب المعلومات من السفارة في لندن، فإن الجهات السعودية الرسمية لم تقدم حتى الآن ما ينقذ وضع سارة القانوني وليس لها خيار إلا تأكيد اللجوء.

وعلمت مصادر مجتهد، أنه رغم انشغال المسؤولين الكبار بالمخاطر المحلية والإقليمية وحالة التأهب في الجيش والحرس والأمن فإن خبر سارة أربك الجميع، وأحدث الخبر صدمة على أعلى المستويات والسبب أن السفارة والاستخبارات أفادوا للديوان الملكي أن سارة غير جادة وإنما تهدد لأجل الابتزاز فقط.

وردة الفعل الأولية من جهات عليا بتكليف السفارة بتشويه سمعتها وقلب القصة عليها وبذل كل جهد لإقناع السلطات البريطانية برفض الطلب من أساسه. وصدر تكليف من الملك بالتحقيق مع الجهات المعنية التي قامت بتضليله وقدمت تقديرا خاطئا بأن تهديد سارة غير جاد ثم إذا به يصدم بها تنفذ التهديد.