- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

إيران: اوباما وسياسة “المنقذ النبيل”

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

انتهى شهر العسل بين الرئيس الأميركي باراك حسين أوباما واسرائيل. هكذا يجزم البعض لأن معلومات متسربة من مصادر عدة متقاطعة تفيد بأن «أوباما أمر إسرائيل» بعدم قصف إيران. ولم يكتف الرئيس الذي يستعد لخوض معركة إعادة انتخابه بتكليف هيلاري كلينتون وزيرة خارجيته وليون بانيتا الاتصال بنظرائهما لتأكيد «هذا الأمر»، بل أرسل رئيس أركان الجيش الأميركي بني غانتز لتأكيد «هذا الأمر»، ولإيصال رسالة أكثر وضوحاً: خفض مستوى المشاركة الأميركية في المناورات المشتركة «شالنج ١٢» التي كان من المنتظر أن تبدأ في مطلع شباط/ فبراير لتجربة صواريخ ساعاد (Thaad) وأرو (Arrow) ومشاركة طائرات «الشبح» إلى جانب أحدث الأسلحة الأميركية للتصدي للصواريخ. فعوضاً عن مشاركة ٩٠٠٠ عسكري أميركي فإن المشاركة المعلنة سوف تكون ٥٠٠٠ فقط «مع إمكانية خفضها مرة أخرى» كما تردد بعض المصادر الأوروبية.
لا يعني هذا أن واشنطن بدأت تلين سياستها تجاه «التصلب الإيراني» في المسألة النووية، ولا يعني هذا أنها ألغت احتمالاً من الاحتمالات التي كانت تضعها للتصدي للبرنامج النووي الإيراني: قصف المراكز النووية في محاولة لوقف «انتاج قنبلة إيرانية» ولتأخير برنامج الجمهورية الإسلامية النووي.
إبعاد شبح هجوم على إيران مع الاستعداد لفرض عقوبات جديدة هو في صلب «استراتيجية تواصلية ناعمة» ضمن حملة أوباما الانتخابية. إذ من غير المنطقي أن يتقدم أوباما-المرشح الجديد للانتخابات- بصورة «داعية حرب»، وهو الذي وصل قبل أربع سنوات على بساط وعد الخروج من حربي العراق وأفغانستان.
المواطن الأميركي لن يفهم ولن يتقبل دعوات الحرب وأميركا تتخبط بأزمة مالية تنعكس بطالة وتراجعاً لأول مرة في تصنيفها الائتماني وركوداً ينعكس يومياً على نمط معيشته. وبالمناسبة يمكن إلقاء نظرة على برامج المرشحين الجمهوريين، رغم شراسة برامجهم بشكل عام فإننا لا نجد أي تلميح بحرب على إيران. نجد تعهدات بضمان تفوق اسرائيل على كل جيرانها مجتمعين، نجد تعهدات بضمان أمن الدولة العبرية، ولكن لا نجد أي تهديد مباشر، حتى وإن كانت تل أبيب تفهم هذه الضمانات بأنها «شيك على بياض» لتفعل ما تشاء.
وبالطبع يتخوف أوباما من تفسير إسرائيل لهذه التعهدات الصادرة عنه وعن منافسيه بأنها ضوء أخضر لضرب إيران. يدرك الأميركيون ومعهم الغربيون بأن أي هجوم إسرائيلي على إيران اليوم يعني «اشتعال الشرق الأوسط»، وبالتالي إجبار واشنطن على المشاركة تنفيذاً لتعهداتها وانصياعاً لضغوط اللوبيات المؤيدة لإسرائيل. ولكن يدرك البيت الأبيض اليوم أن هذه «الوقفة» إلى جانب تل أبيب هذه المرة، وفي حال كانت الدولة العبرية هي البادئة بالحرب، لن تجلب له «تأييد المواطن الأميركي العادي»، وخصوصاً إذا نفذت طهران تهديداتها وسدت مضيق هرمز، وتسبب ذلك بأزمة قد تدوم أو تطول وتنعكس على الاقتصاد الأميركي وعلى الطبقات الفقيرة.
لا يريد أوباما «فسخ عقد التأييد» الذي يربط إسرائيل بالمواطن الأميركي، خصوصا وأن قاعدة التعاطف المطلقة بدأت تتفسخ بسبب تعنت الحكومة اليمينية وإسراع وتيرة بناء المستعمرات التي بات صعباً على الإعلام الأميركية إيجاد تبريرات له خصوصاً وأن الربيع العربي سلط أضواء ذات ألوان جديدة على الدول العربية التي باتت تجذب انتباه واهتمام المواطن الأميركي العادي.
أوباما لن يركب خط التطرف العسكري ولن يدق طبول الحرب قبل الانتخابات في تشرين الثاني/ نوفمبر، ولكن هذا لا يعني أنه لن «يبرز عضلاته»، من دون الذهاب بعيداً، في حال سدت إيران مضيق هرمز. وقد يبرر هذا دخول حاملتي طائرات أميركية نوويتين «كارل ويلسون» و«أبراهام لينكولن» إلى الخليج عبر مضيق هرمز، فالناخب الأميركي ما زال «كاوبويي التفكير» يحب «المنقذ النبيل» خصوصاً إذا كانت الضحية «غالية على نفسه» مثل النفط.