بسّام الطيارة
كل صفحات فيسبوك، كل المواقع الإعلامية، كل الصحف، كل القنوات، في كل المقاهي، في كافة الصالونات، لم تكن الأحاديث والتعليقات والتخمينات تدور إلا حول … بوتين.
لماذ سحب بوتين قواته من سوريا؟ (فلنقل بعض من قواته) . سؤال وجيه وسوال يفرض نفسه ولكن دوافعه تختلف باختلاف نقطة تموضع السائل والمستمع: مشرقي أم غربي بشكل عام وإذا تعمقنا قليلاً في الشرق يمكن تقسيم المتسائلين إلى «مع أو ضد» (كما هو حال العالم العربي منذ عقود).
البعض يرى في ذلك بداية ابتعاد موسكو عن دعم بشار الأسد أي ضغوط على فريق الحكومة، آخرون يشددون على العدد القليل للطائرات التي تم سحبها.
أولا أجاد بوتين ويجيد كيفية مفاجأة الجميع في كل خطوة من خطواته السياسية والديبلوماسية ويذلك يشكل رافعة إعلامية لخطوته المقبلة. ولكن السؤال الواجب طرحه هو: «هل كان سحب استعراضي لبعض القوات من سوريا هي الخطوة الأخيرة؟»
بوتين حسم أمس خلال مراسم تكريم الجنود العائدين، التكهنات حول قرار الانسحاب وشدد على أن بلاده قادرة على العودة «خلال ساعات»، وأن دعم لحليفه السوري مستمر «عسكرياً واستخباراتياً»ومنها «بقاء منظومات الدفاع الجوي «إس – 400» و «بانتسير» حيث حذر خرق المجال الجوي السوري بقوله «لا يحق لأحد انتهاك المجال الجوي السوري». وأشار بوتين إلى أنه تم تعزيز القوات المسلحة السورية وأنها باتت قادرة «ليس فقط على صد الإرهابيين، بل وإجراء عمليات هجومية ناجحة ضدهم».ولكنه عاد وكرر التزام موسكو الحل السياسي، مؤكداً أن ما قامت به بلاده في سوريا «فتح الطريق إلى السلام» أي وضع انسحاب هذا القسم البسيط من القوات الجوية كحجر أساس في مفاوضات جنيف.
تفرض هذه التصريحات أجوبة مباشرة على الأسئلة التي فرضها الإعلان الطنان الرنان عن الانسحاب. الأجوبة ضمن إطار الاستراتيجية الروسية:
١) حماية النظام من الانهيار… وهو ما تريده بقوة واشنطن،
٢) حث الحكومة السورية على تلين موقفها في المفاوضات… وهو ما يرضي واشنطن ويسهل الحل السياسي.
٣) حماية مصالح روسيا في المنطقة … وهو ما تتفهمه واشنطن كقوة كبرى.
٤) سحب القوات الروسية الهجومية عن حدود ملاصقة للحلف الأطلسي يخفف الضغوط على واشنطن.
بوتين فاجئ العالم بقراره ولكنه لم يفاجئ باراك حسين أوباما الذي كان قد تحدث معه عشية إعلان الانسحاب.
بوتين فاجئ العالم بتكتيكاته وأوباما يفاجئنا بقدرته على لعب دور المتفاجئ