- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

جنيف٣: موازين القوى لم تتغير وتوجد قواسم مشتركة

geneve3بسّام الطيارة – خاص
ما زال نبض لقاء مفاوضات جنيف ٣ يدق بشكل منتظم وما زال الوفدان في معية الموفد الأممي ستيفان دي ميستورا الذي استلم منهما تصوران لما يمكن أن تكون عليه سوريا ما بعد الحرب. الفريق المعارض يعتبر الوثيقة التي سلمت للموفد الأممي «كاملة ودقيقة وشاملة» بينما يرى وفد الحكومة السورية الحالية أن التصور يحمل «تفاصيل إجرائية كيف يتفاوض السوريون مع بعضهم البعض».
ولكن بغض النظر عن هذا التباعد الذي وصفه دي ميستورا بأن «شق كبير» يمكن قراءة التطورات في المسألة السورية حسب مسارين: سياسي وعسكري.
١) في السياق العسكري الذي سمح بإبقاء المفاوضات في أجواء وصفت بأنها «أقل توترا» من جنيف ١ وجنيف ١،  يمكن القول إن الهدنة تصمد نوعاً ما.
وسبب صمود الهدنة هو أن الاتفاق كان فضفاضاً بشكل يسمح لكل فريق بتفسيره حسب ما يريد، وترك الاتفاق مجالاً لأعمال العنف باتجاه النصرة وداعش. الحكومة الحالية ترى أن كل من يحمل سلاح هو إرهابي ولكن الاحتكاكات لن تعد كما في السابق ويبين ذلك تراجع عدد القتلى على كامل التراب السوري.
ولكن هذه الهدنة سمحت للقوات النظامية بأن «تلتفت» إلى تدمر في محاولة لإخراج داعش من المدينة الأثرية، وهذا الأمر لا يشكل «تبايناً» مع المعارضة.
٢) في السياق السياسي نلاحظ أولا تراجع عدد العواصم التي تحط بها الرحلات المكوكية المتعلقة بالحرب في سوريا. فهي اليوم مختصرة على موسكو والرياض وجنيف. اختفت من على شاشة زيارات كيري أو دي ميستورا بين باريس ولندن وطهران وحتى دمشق غابت. ويكتفي سفراء الدول الصديقة للمعارضة السورية بالاجتماع مع وفد المعارضة في فنادق جنيف.
وتفيد الأنباء الآتية من خلف الكواليس إلى أن «المفاوضات أخذت طريق الجدية». فقد عقد دي ميستورا لقائين مع الفريقين واستلم تصور لكل منهما، وذلك بانتظار أن يستقبلهم في صالة واحدة عما قريب. ووصفت أوساط الأمم المتحدة بشكل إيجابي التصور الذي قدمه الفريقان حول الانتقال السياسي. وقال الموفد الأممي  «المسافة بين الطرفين لا تزال كبيرة» لكنه اكد ان البحث مستمر عن «قواسم مشتركة». كما التقى دي ميستورا أمس الجمعة وفداً نسائياً من سوريا ووفداً اخر من معارضة الداخل المقبولة من الحكومة الحالية.
حسب التسريبات التي وردت حول التصور الذي قدمته المعارضة وتصور الحكومة الحالية يمكن القول إن التفاصيل قد تكون متشابهة، ولكن الخلاف هو في «طريقة الوصل إلى بحث هذه التفاصيل». إن المدخل إلى تلك الصالة المشتركة لم يزل غير معبداً بسبب غياب التوافق على الهدف الرئيسي للمرحلة الانتقالية. أما تفاصيل ما يمكن أن تكون عليه سوريا الغد فهي قواسم مشتركة، الخلاف هو على طريقة الوصول إلى هذا الغد. وهذا تحكمه بالطبع موازين القوى على الأرض.
ميزان القوى لم يتغير كما يرى البعض لا بسبب التدخل الروسي ولا بسبب انسحاب هذه القوات وهو انسحاب رمزي في الواقع.  قوات الحكومة السورية استردت بعض المناطق… ولكن ما أن بدأت الهدنة حتى خرجت جموع في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في تظاهرات مؤيدة للمعارضة.
وهذا يمكن أن يقود إلى ميزان قوى متساو نوعاً يعيدنا إلى بداية الثورة حيث كانت القوة في جانب الحكومة والمظاهرات السياسية تدعم المعارضة في عدد من المناطق.
أما القواسم المشتركة فقد ظهرت في معارضة الحراك الكردي في الشمال بعد إعلان ما يمكن تسميته منطقة حكم ذاتي رغم تلوينه بوصف الفيدرالية. فقد أدانت المعارضة والحكومة الحالية، ووصفته المعارضة بأنه «خطوة خطيرة تهدف إلى تقسيم سوريا»، كما رفضته واشنطن وكافة القوى الإقليمية. والأهم أنه استفز تركيا  ويمكن أن يشكل مدخلاً «لقلب بعض التحالفات في المنطقة».