- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مصداقية «وثائق بنما» على المحك: ما هي قاعدة نشر الأسماء؟

BT_2016نقطة على السطر

بسّام الطيارة

نشر عدد من الصحف طلائع ما بات يسمى «وثائق بنما» وهي تحقيقات أجرتها حوالى مئة صحيفة  حول العالم ضمن “الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين” وجاء في أول نشرة أن ١٤٠ زعيما سياسيا من حول العالم، بينهم ١٢ رئيس حكومة حاليا أو سابقا، إضافة إلى أسماء بارزة في عالم الرياضة، هرّبوا أموالا من بلدانهم إلى ملاذات ضريبية.

جيد ما فعلته تلك الصحف الزميلة والتقدير والشكر لمن «هرّب» تلك المعلومات وعددها نحو 11.5 مليون تحتوي على بيانات تتعلق بعمليات مالية لأكثر من 214 ألف شركة عابرة للبحار في أكثر من 200 دولة ومنطقة حول العالم.

ولكن كما حصل مع تسريبات «ؤكيليكس» على حسناتها ورغم تصفيق العالم لها ولسنودن لكشفه ممارسات المخابرات الأميركي في التجسس على «كل زعماء العالم» تقريباً، يقفز سؤال إلى واجهة هذا الحدث الذي سيترك أثرآً على مسار السياسة المالية في العالم وعلى نظرة المواطنين لزعماءهم٬ والسؤال : «ما هي قاعدة نشر أسماء المتورطين؟» لماذا اسم هذا الزعيم قبل هاك الزعيم؟ على أي أساس تم نشر أسماء «أصدقاء المتورطين».

ملاحظتان على الأسماء التي «خرجت» حتى الآن:

١) زعماء عرب تصدروا هذه اللائحة مع التشديد عليهم رغم أن قاعدة البيانات تحوي أسماء عشرات من المسؤولين الغربيين.

٢) ليس دفاعاً لا عن فلاديمير بوتين ولا عن بشار الأسد ولكنهم غير معنيين «مباشرة» ولكن «بعض المقربين منهم متورط»: رامي مخلوف بالنسبة للأسد وسيرغي رولدوكين بالنسبة لبوتين. ولكن رغم هذا احتلت صور بوتين والأسد صفحات الإعلام الغربي وكأن الحسابات والشركات هي بأسمائهم. وعلى سبيل المثال فإن الوزير الفرنسي السابق للخزانة جيروم كهوزاك  والذي يحاكم اليوم بتهمة التهرب الضرائبي عاد وظهر اسمه في «وثائق بنما» وهو كان مقرب جداً من .. فرنسوا هولاند ولكن لم يخطر على بال أحد أن يضع صورة هولاند  أو يذكرهفي المقطع الذي يتحدث عنه!

ينتقص هذا النشر الانتقائي المغرض من قيمة الفضيحة إذ أن بين الغرب ومحور بوتين – الأسد ما صنعه الحداد وتبدو الصحف وكأنها ركبت تلك الموجة «خدمة» للمتلقي الغربي للدلالة على أن هؤلاء الذين يتهربون من دفع الضرائب هم «شريرون» مثل ما يرسمون في مخيلتهم صور بوتين والأسد.

برهان على هذه المعالجة المغرضة الاستغلالية لحدث كبير أن «عدود بوتين اللدود» رئيس جمهورية أوكرانيا ظهر اسمه بشكل واضح وصريح وتبين أنه أسس شركة أوف شور إبان الحرب في منطقة دومباس، ومع ذلك غاب التشديد على اسمه وجاء ذكره مواربة.

الملك سلمان وأمير قطر السابق ورئيس وزارءه من خصوم الأسد ومع ذلك تم دمجهم معه وتصدرت صورهم الصفحات الأولى للصحافة ووكالات الأنباء… إن دل ذلك على شيء هو أنه بالنسبة للغرب فإن الشرير قد يكون العدو – الخصم السياسي أو مجرد أي عربي فهذا يخاطب اللاوعي الغربي. والبرهان الثاني هو ذكر الملك المغربي محمد السادس مرات ومرات رغم أن الذي ظهر اسمه هو «منير مجيدي سكريتيره الخاص»، ومع ذلك فإن صور العاهل احتلت صفحات الوسائل الإعلامية.

هذا التعامل الفوقي والمغرض هو الذي ينزع مصداقية الغرب لدى «الشعوب الأخرى» ويسلط الضوء على «الكيل بمكيالين» ولكن أيضاً على العنصرية الكامنة في التصرف السياسي والإعلامي والذي يعيدنا إلى طيب الذكر إدوار سعيد… ويفتح أبواب للشعوب لكره الديموقراطية كما يحول للمتطرفين الترويج له، ويؤهب لنظرية المؤامرة… فيستفيد الدكتاتوريون والإهابيون وتدفع الشعوب الأثمان.

بانتظار أسماء السياسيين والزعماء الغربيين …والتعامل الإعلامي مع لوائح أسمائهم…