- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

روسيا: معارضة بوتين… فنية

imageيسير الشاب الروسي رومان روسلوفتسيف بخطى ثابتة في اتجاه الساحة الحمراء في موسكو على مرأى من السياح المشدوهين واضعا قناعا على شكل وجه الرئيس فلاديمير بوتين بهدف التنديد بقانون يقيد حرية التظاهر في البلاد.

في المقابل، يعمد عناصر الشرطة من دون اي انفعال ظاهر الى توقيف الشاب في حين يصور المارة المشهد.

وتراقب امرأة ما يحصل من ثم تهتف رافعة كتفيها “نحن محرومون من أدنى مقومات حرية التعبير”.

أما شبيه القائد الثوري الروسي فلاديمير لينين الذي يدفع السياح اموالا في مقابل التقاط الصور الى جانبه، فيتابع بملل ظاهر مشهد توقيف بوتين المزيف قائلا “هذا عود على بدء”.

فهذه المرة التاسعة التي ينهي فيها رومان روسلوفتسيف يومه موقوفا لدى الشرطة.

ويوضح هذا الرجل لوكالة فرانس برس قبل وضع قناع لينين على وجهه “اريد ان اودع السجن. هذا الامر من شأنه السماح بإنهائي هذا العرض الفني”.

وبالنسبة للفنان، يمثل وضع قناع السبيل الوحيد لـ”محاربة” القانون 212.2 الذي ينص على السجن حتى خمس سنوات للاشخاص الذين شاركوا مرتين خلال ستة اشهر في تظاهرة غير مرخصة.

وتم اقرار هذا القانون سنة 2012 بعيد اعادة انتخاب فلاديمير بوتين رئيسا للبلاد، وهو الذي شهدت فترة حملته الانتخابية تظاهرات كبيرة معارضة للحكومة دفعت به الى اقرار قوانين عدة تشدد عقوبات السجن المفروضة على المتظاهرين.

ويوضح ارتيم لوسكوتوف الناشط المقرب من فرقة “بوسي رايوت” الروسية لموسيقى البانك التي ادين اعضاؤها بتهمة اقامة “صلاة بانك” ضد الرئيس فلاديمير بوتين في كاتدرائية المسيح الفادي في موسكو “بالنسبة لكثيرين، شكل سجن فرقة +بوسي رايوت+ مفصلا حاسما”.

ويقول “حتى اليوم، كان من الممكن بالنسبة للفنانين الافلات من عقوبة السجن”.

وفي مدينة نوفوسيبيرسك مسقط رأسه في سيبيريا، ينظم الناشط مسيرات تحمل شعارات عبثية. فقد كتب على احدى اللافتات التي حملها متظاهرون في المسيرة السنوية للأول من ايار/مايو “حساء الشعير هو الجحيم”.

وقد وصفت مسيرته هذه السنة بأنها “شيطانية” و”معادية للروس” كما أن السلطات نظمت مسيرتها العبثية الخاصة.

ويوضح “هم يعتبرون فورا كتهديد كل ما هو مستقل”، مضيفا “هناك تراجع في المساحة المتروكة لحرية التعبير”.

– محاكمة او عرض؟ –

وبنتيجة ذلك، يندفع الفنانون في اتجاه مزيد من التشدد في المواقف ويعمدون الى مسرحة الاحداث المتصلة بعمليات توقيفهم وحتى بمحاكمتهم، كما الحال مع بيوتر بافلنسكي الذي انطلقت اخيرا محاكمته بتهمة احراق مداخل خدمة الامن الاتحادية (“اف اس بي” المعروفة سابقا بالـ”كاي جي بي”)

وقالت محاميته اولغا دينزي للصحافيين إن هذا الفنان المودع السجن منذ مطلع تشرين الثاني/نوفمبر يرى محاكمته على انها “دعابة” واستقدم اشخاصا للادلاء بشهاداتهم تم تقديمهم على انهم مومسات.

هذا الفنان المعتاد على العروض الفنية ذات الطابع السياسي عمد الى إخاطة فمه سنة 2012 دعما لفرقة “بوسي رايوت”.

غير أن فنانين آخرين معارضين للسلطة مثل كاتيرينا نيناتشيفا يرون أن هذا النوع من الاعتراضات شديد التطرف لدرجة تحول دون استثارة تعاطف الشعب معها.

وتقول إن العروض الراديكالية كتلك التي تقيمها “بوسي رايوت” او بافلينسكي لا تحقق بالضرورة هدفها وبالتالي بات يصعب اكثر تنظيمها من دون المجازفة بالسجن.

ومع فنانين شباب اخرين، تفضل نيناتشيفا التعبير عن اعتراضها بطريقة اكثر اعتدالا اذ انها تلجأ الى تطريز شعارات مناهضة للحكومة على الملابس او اخرى تنتقد علنا القوانين المقيدة للحريات من ثم توزعها على المارة.

وتشير الى ان “الفكرة الرئيسية تكمن في التواصل مع الناس، 90 % من هؤلاء لا يعلمون شيئا عن هذه القوانين، هم لا يعرفون أن اشخاصا يمكن ان يعتقلوا في الشارع من دون اي ذنب. هذا الامر يفاجئ الناس”.

كما أن فنانين اخرين اختاروا مواقف الحافلات مسرحا لتحركاتهم اذ عرضوا فيها صورا منددة بالرئيس فلاديمير بوتين بدل الاعلانات التقليدية.

من ناحيته عرض روسي اخر في قلب العاصمة صورة ضخمة لستالين كتب عليها “هذا الرجل توفي، الآخر سيموت ايضا”.

وفي مطلع ايار/مايو، رافق خمسة شبان رومان روسلوفتسيف حتى الساحة الحمراء واضعين قناع فلاديمير بوتين. ويقول الفنان مبتسما “بوتين يتكاثر”.