- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ماذا جنىّ أمين معلوف من هذه الإطلالة السيئة الذكر؟

سلوى قاضلسلوى فاضل

“كلّ موقف ثقافي يحمل في طياته رؤية سياسيّة وفكريّة وموقفاً من الحياة”. هذا باختصار رأييّ ورأيّ أيّ مطلّع ومتابع لما يدور في العالمين العربي والغربي.

إذ كيف يمكننا ان نرّحب بموقف مناهض لسياسة الفصل العنصري مثلا، وفي الوقت عينه نطلّ من على شاشات مؤيدة له؟

بل كيف يمكن لأيّ مثقف أن يطلّ من على شاشة النظام الرسميّ السوريّ في الوقت الذي يقتل فيه هذا النظام شعبه؟

هذه التساؤلات تؤدي بنا الى شرح كل المواقف التي ناهضت أمين معلوف، الذي هو أولا لبناني، وثانيا عربي، وثالثا مثقف ريادي، مطلوب منه أن يكون في المقدمة في كل ما يتعلق بالإنسان بشكل عام وحقوقه.

فاذا كان كمثقف قد تخلّى عن دوره الريادي هذا، والذي هو دور مطلوب من جميع المتصدّين للعمل الفكريّ والثقافيّ والتنمويّ، فلا بد لنا من إعادة النظر بالمهمة التي يدّعي المثقفون أنهم لها وأنها مهمتهم الأبدية! وأنهم قادة التغيير وقادة الإصلاح الفكري، وأنهم هم يزرع الأفكار لتُنبت داخل عقول الشباب كما كان حال سارتر خلال ثورة 1968.

فمن الآن وصاعدا، على كل من دافع عن أمين معلوف الأديب والكاتب ان يقول أن مهنته الإبداعية -التي اشتهر بها- هذه لا صلة لها بالحياة اليوميّة للبيئة التي يستمد منها كتاباته ورؤاه.

وعلى من دافع عنه ان يحدّثنا عن ثقافة التملق للمحتل، الذي يقتل يوميّا كما كل الأنظمة العربية، حتى لا يعتب أحد من الذين (إستشاطوننا غضبا) عندما يبررون للتطبيع الثقافي تحت عنوان الأنظمة العربية الظالمة.

المحتل الإسرائيلي هو الرديف الطبيعي للأنظمة البائدة، ومن مصلحته استمرارها، بل بقائها على قيد الحياة، ومن يدافع عن فعلة أمين معلوف يتساوى كليّا مع من يدافع عن النظام السوري، والنظام السعودي، وكل من يندرج تحت لوائيهما من أدعياء الممانعة من جهة، والخنوع من جهة أخرى.

فالأنظمة العربية لم تنتج مفكرين محرّكين فاعلين، وإن كتبوا بالفرنسيّة أو الإنكليزية.. فبمجرد ان يتملّق المثقف إسرائيل، ومن يقف في صفها، يجب نزع صفة الثقافة عنه. لأن الثقافة مرتبطة بمسيرة حياة الشعب الذي أنا منه وأفكر بعقليته، وأمتلك ضميره، وأتكلم لغته، وأعيش حاضره وماضيه وليست موضة أو موقفا سياسيّا نغيّره عند طالع كل مصلحة.

لأن الثقافة حياة ومقاومة وخط الحق ضد الباطل، مهما كان اسمه ونوعه، فالجميع يعلم أن العديد من الروائيين الغربيين دعموا الثورة الفلسطينية بمواجهة الإحتلال، ولم يهابوه، وكم من شخصيّات فنية وأكاديميّة حذت حذوهم.. والسؤال لما الدفاع عمن هضم حقوق الفلسطينيين وهجرّهم واللبنانيين وقتلهم، والأردنيين والسوريين و…؟

هل يمكن لروائيّ غربي أصيل ان يقف موقف المتفرج وأن يفصل بين قرائه وقضاياهم في حال كانت ثمة قضية وطنيّة تعنيهم، وقذفت بتاريخهم نحو المجهول منذ حوالي 70 عاما؟؟

لما ينحو كتابنا ومثقفينا وأدباؤنا هذا المنحى الإنحداري كلما صعدوا باتجاه العالميّة؟ لما تصغُر اهتماماتهم بقضايا جماعتهم، لما يتنكرون لأحاسيس أبناء أمتهم؟ لما لا تصعد قضايانا معنا فنستغل المنبر العالميّ لمصلحتنا القوميّة؟

أليس مُعيبا بحقنا ان يكون أمين معلوف ضيف قناة إسرائيلية؟ قناة أعطاها صفة الوجود والبث محتل غاصب دنّس القدس والأقصى، وكل شبر في فلسطين؟ إسرائيل محتل قتل منذ العام 1948 آلاف، بل ملايين العرب.

سيقولون داعش قتل، والأنظمة قتلت، والأجهزة سفكت وسجنت، والجميع مشرد خارج البلاد.. نعم ولكن هذه الأنظمة هي التي حَمَت الكيان الغاصب ولا تزال.. علينا ان نعيّ أهمية المقاطعة، وأهمية المواجهة الثقافيّة والتجاريّة والإعلامية…

والسؤال الأخير: ماذا جنىّ أمين معلوف من هذه الإطلالة السيئة الذكر؟؟ أيَودّ الوصول للعالميّة؟ وهو الواصل. ومن يخاطب؟ ولماذا؟ وبماذا سيُخاطب أطفال الضفة وغزة والمخيمات؟

وهل يمكنه مواجهة لبنانيين تأذوّا من عدوان محتل على مدى أربعة عقود بل أكثر؟