- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

المشروع الفتنوي ليس متفجرة المصرف

Capture d’écran 2016-06-20 à 10.36.04معمر عطوي

بقطع النظر عمن قام بتفجير قنبلة خلف مصرف لبنان والمهجر في بيروت، الأسبوع الماضي، وما اذا كان هذا العمل رسالة تحذيرية من “حزب الله” للمصارف، أم هو مخطط “فتنوي” للايقاع بين “المقاومة” والجسم المالي اللبناني بهدف زعزعة ما تبقى من استقرار في هذا القطاع، يمكن اعتبار هذا التفجير بمثابة إنذار للبنانيين لوعي ما تحيكه الدول الإقليمية من مخططات ستجرّ لبنان عاجلاً أم عاجلاً إلى مستقع الحرب الدموية.

لا يختلف إثنان على أن لبنان في حالة حرب بشعة وباردة تساهم في بقاء البلاد بلا رئيس قوي واستمرار غياب هيئتين تشريعية وتنفيذية مستقلتين عن تدخلات الخارج وتأثيرات الذهنية الطائفية الفاسدة داخلياً. بيد أن الاستقرار المالي الذي شهده لبنان طوال سنوات الأزمة التي وصلت الى ذروتها مع اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط العام 2005، كان هو النقطة الإيجابية الوحيدة وسط ظلام الفساد والمحسوبيات وهيمنة قوة الأمر الواقع على مقاليد الأمور في ظل غياب أو مصادرة شبه كاملة للدولة.

من هنا يمكن اعتبار وصف بعض صعاليك الثقافة و”جهابذة” السياسة ونحاريرها الذين يدورون في فلك “حزب الله”، للتفجير بأنه “مشروع فتنوي” أمراً مردوداً على الحزب ذاته الذي يشكل وجوده في لبنان المتنوع كحزب مذهبي يسعى لإقامة دولة “الشريعة الإسلامية”، حالة فتنوية بامتياز.

هذا الحزب الذي لا يزال بعض المثقفين ورجال العلم والأدب، يعتبرونه حزب المقاومة، هو صاحب مشروع اقليمي خطير قاد البلاد ويستمر في قيادتها نحو الهلاك بفعل إملاءات أسياده الفرس في إيران، وغباء شريحة واسعة من الشباب الذين يُقادون نحو الانتحار ظانين أنفسهم مشاريع “شهداء” من أجل تحقيق دولة المهدي المنتظر.

المشروع الفتنوي ليس في التفجير الذي طال بنك لبنان والمهجر، انما هو في سياسة الأحقاد التاريخية التي صدّرتها إيران الى عملائها في بلاد الأرز باسم “الثورة الإسلامية في لبنان” مستغلة قضية فلسطين ولاعبة على وتر الوحدة الإسلامية التي لا ترى إيران فيها غير الشيعة هم “الفئة الناجية”.

المشروع الفتنوي هو الذي بدأ حين انتهى دور المقاومة الرائد ضد الصهاينة في الجنوب في العام 2006، وأصبح دور هؤلاء الشباب الذين غُرر بهم مثل أي مجموعة مرتزقة تقاتل لمصلحة دولة خارجية، تارة في سوريا وأخرى في اليمن والعراق وربما باكستان وأفغانستان ونيجيريا من يدري؟.

لقد رفع “حزب الله” اسم لبنان عالياً كبلد مقاوم رفض الاحتلال وانتصر عليه، لكنه ضيّع هذا النصر في دهاليز العمالة للخارج، موظفاً دماء شبابه الزكية في حروب الآخرين، فجرّ لبنان ومن فيه الى الهلاك من أجل مشروع الفرس لتقسم الوطن العربي الى مذاهب وطوائف وملل ونحل. المشروع الذي آمن به الحزب أو تواطأ من أجل تنفيذه.

لقد نسي أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله تلك الخطابات الحماسية المُلهبة التي كان يلقيها ضد “إسرائيل”، مسلطاً كل غضبه وحقده على السعودية، فتحول غضبه ناراً أحرقت مصالح اللبنانيين في دول الخليج وحرمت مئات العائلات اللبنانية من مداخيل ضرورية لاستمرارهم في العيش. ولم تقف الأمور عند هذا الحد، بل ساهم هجوم نصرالله الأرعن في تقليص الودائع المالية الخليجية في لبنان أو سحبها بما في ذلك الهبات المخصصة للجيش والقوى الأمنية وصولاً الى تراجع السياحة الخليجية الى أدنى مستوياتها. ألم يكتفي نصرالله بهذا القدر من تدمير الاقتصاد اللبناني حتى يفتح نيرانه على خط الدفاع الأخير وهو القطاع الصامد حتى الآن بفعل بطولي؟

لعل حفظ انجازات المقاومة أهم من عمل المقاومة نفسه، وهذا ما حصل عكسه تماماً على أيدي من وثق الشعب اللبناني في قدرتهم على هزيمة عدو الخارج، ففتكوا بالداخل وشاركوا في عملية الفساد وهدم الدولة وكشف لبنان أمام كافة الرياح العاتية في المنطقة.