- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الدين… أفيون الربيع

نجاة شرف الدين

“في بلادكم دور الدين اكبر من بلادنا. ففي بلدنا بعد الثورة، الجماعات الدينية المرتبطة بالكنيسة او الاحزاب السياسية المرتبطة بالكنيسة لم تكن الكنيسة مؤثرة جداً، انما في مجتمعاتكم الدين له تأثير وما رأيناه بعد الانتخابات في تونس ومصر يدل على ان دور الدين سيكون بارزا اكثر من دوره في بلداننا”. هكذا رد الباحث السلافي بافول ديميس، المستشار السابق للخارجية بين عامي ٩٣ و ٩٧، على سؤال طرحته عليه عن اوجه التشابه والاختلاف ما بين الربيع العربي وربيع براغ وما تلاه من ربيع اوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي .
لم يكن الباحث السلافي اول من طرح إشكالية الدين وتأثيره في مكونات المجتمع العربي، نظرا للصراعات التي عاشتها المنطقة نتيجة حروب دينية وطائفية وغيبت ادوار اقليات دينية وأقصت قوى سياسية ديموقراطية في محاولة للتفرد بالسلطة، وكتب العديد من المقالات حول الخوف او التخويف من الاسلام وهي مرحلة عاش تداعياتها العالم العربي والعالم بعد الحادي عشر من ايلول ٢٠٠١، ولكن الفكرة المتداولة لديميس تتناول موقع وتكوين السلطة في دول الربيع العربي وكيف يمكن ان يتدخل الدين في مؤسسات الدولة ويعطيها الشرعية للحكم، ما يحرم القوى السياسية الديموقراطية من فرصة المشاركة في السلطة.
لا شك ان الربيع العربي احدث تغييرا إيجابيا بكافة المقاييس، بغض النظر عن النتائج المباشرة وربما المرحلية، حتى لو طالت لسنوات عدة، الا ان التخوف الذي يبديه بعض الباحثين، امثال بافول ديميس، هو من ضعف الدولة وتدخل الدين والمؤسسات الدينية في تركيبة السلطة السياسية وحتى في الدستور، وفي غياب المساعدة والحضور للمنظمات والمؤسسات الدولية في حالات مشابهة، نتيجة الأزمة المالية العالمية وانعكاسها على اوضاع المجتمع الدولي، ما يترك الباب مشرعا امام الاحزاب والقوى الدينية لإكمال سيطرتها وبروز مجتمعات دينية جديدة في المرحلة المقبلة .
الربيع العربي اليوم في مرحلة تحول وتكوين سلطة جديدة تطول وتقصر تبعا للمشهد السياسي، ولكن الصراع مفتوح بين تعددية سياسية دينية اسلامية وديموقراطية يمكنها المشاركة في الحكم والتأسيس لاستقرار سياسي، وبين قيام مجتمع ديني يتسلم السلطة ويتمسك بها ليحول بدوره الدين الى أفيون يقضي على ربيعه العربي.