- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سويسريات 2.. مدن هادئة بصخب لطيف

Capture d’écran 2016-07-28 à 04.11.32معمر عطوي – (خاص)
تتميز سويسرا بهدوء لافت جداً يصبغ وتيرة الحياة ويجعلها منتجعاً صحيّاً بالفعل لا بالقول فقط. هدوء يحوّل المدينة إلى قرية صغيرة ويدمج صفات الريف الجميل الهادئ بصخب الحضارة وزحمة السياحة والتجارة.
ثمة فترات راحة عديدة خلال النهار والأسبوع والسنة، إذ تجد المطاعم والحانات والعديد من المتاجر تقفل في ايام معينة خلال الأسبوع وساعات معينة خلال النهار. كذلك خلال الصيف تتغير مواعيد النشاط في كافة مناحي الحياة من المكتبات والجامعات الى الأندية والمسابح وبعض المهن الحرة.
الهدوء دائماً سيد الموقف، إذ من النادر أن تسمع صوت بوق سيارة أو موسيقى عالية في حي صغير هادئ. قد تجد في بعض ساحات المدينة فناني الشوارع الذين يعزفون كل على آلته ويتجمع حولهم الجمهور لكن بشكل لطيف غير مزعج.
كذلك للمواطن السويسري ساعات للراحة تبدأ من العاشرة ليلاً وتنتهي في السابعة صباحاً وخلال النهار هناك فترة راحة بين الثانية عشرة ظهراً والواحدة.
هنا.. في برن العاصمة، أحياء كثيرة يسودها الهدوء رغم بعدها عشرات الأمتار عن مركز المدينة. مزارع أبقار وأغنام وماعز وخيول وزراعات عديدة تظلل مشهد المدينة، ناهيك بكثرة انواع الأأزهار والورود والأشجار. وذلك في مقابل أحزمة البؤس التي تحيط بعواصم العالم الثالث أو حتى في بعض العواصم الأوروبية. هنا لا وجود لأحزمة بؤس إنما في المدينة السويسرية ريف هادئ يندمج مع صخب المدينة اللطيف فيكوّن مشهداً سوريالياً قلما تجده في أي مدينة أو عاصمة من عواصم العالم.
الناس تتحدث بصوت مسموع لكن ليس مزعجاً لا مقاطعة للكلام اثناء الحديث، بل استماع للطرف الآخر حتى الأخير ثم المشاركة في الحديث أو الرد.
في المتاجر قلما ترد عليك موظفة الصندوق التحية قبل أن يأتي دورك. عندها تغمرك بتهذيبها وعباراتها الجميلة مثل “غروسخ” أي “سلام عليكم” و “نهارك سعيد” و”الى اللقاء”.
النظام أكثر من محترم، والناس بطبيعتها منظمة، بتربيتها وتعودها على “سستام” اجتماعي إداري راقِ جداً. يخيل اليك ان هذا الاحترام للنظام هو جزء من تركيبة السويسري الذهنية لا خوفاً من فرض ضريبة أو غرامة مالية عليه. هو مقتنع بالتزام الهدوء وبحفظ النظام والمرافق العامة كما في بيته.
هنا على عكس العديد من عواصم العالم لا وجود لافت لتجمعات السكارى والهيبيين أو مدمني المخدرات، بل هو وجود محدود جداً يتمحور حول محطات القطارات الرئيسية.
السويسري لا يلجأ الى الضرب في اي حال من أحوال الاشتباك أو سوء الفهم؛ قد يصرخ ويعلو صوته لكن يديه مكبلتان بقوة القانون وبالرغبة في التزام النظام العام. هي تربية يشربها مع الحليب رغم صلابة الكثيرين هنا ومقدراتهم الجسدية على ممارسة القوة، وذلك بفعل أنواع الرياضات العديدة التي يشتهر بممارستها السويسريون.
استعمال الدراجة قد يكون البديل العملي الأهم الذي يحافظ من خلاله السويسري على نقوده من الهدر في شراء وقود السيارات، كما أنه مفيد للبيئة. حتى حين تتوقف السيارة عند الإشارة الضوئية أو لدى مرور قطار يعمد الكثيرون لإطفاء المحرّك توفيراً لنفث ثاني أوكسيد الكربون من العوادم في الهواء، ومساهمة في توفير النسبة الأكبر من الهدوء.
في عاصمة سويسرا كما في كبريات مدنها، هدوء يجعلها تبدو لولا زحمة المحطات الرئيسية للقطارات ووسائل المواصلات قرية صغيرة هادئة. مع انه حتى القرى النائية هنا مؤمنة بكل أسباب العيش والرفاهية من مواصلات ومكتبات وأندية رياضية ومتاجر ومقاهي وحانات ودوائر رسمية. هكذا هي مدن سويسرا الجميلة قرى هادئة بصخب لطيف.