- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سويسريات 3.. الإنسان أولاً

atwi_2016_2معمر عطوي
يحظى المواطن في سويسرا برعاية مميزة تبدأ مع الطفولة التي ترتوي بألعاب عديدة واهتمام تربوي وصحي فائق، لتصل الى احتضان كبار السن وتوفير كل ما يلزم من أجل راحتهم والعناية بهم.
الطفل في سويسرا هو محور الكون، له أقيمت والحضانات والحدائق والألعاب المتنوعة التي لا تشبع فقط ميوله نحو اللهو، بل تحقق له في المستقبل هوية احترافية رياضية، وذهنية علمية تؤسس لمستقبله المثمر.
الابتسامات للأطفال تتواصل على طول المشهد والاهتمام بهم واعطائهم الوقت الكافي يجعل منهم أشخاصاً أسوياء، لا يشعرون بتهميش أو تجاهل كما هو سائد لدى العديد من الآباء أوالأمهات الذين يفضلون الحديث مع الجيران والأصدقاء او متابعة برامج التلفزيون ودردشات المواقع الاجتماعية على الاستماع لأحاديث أطفالهم وهواجسهم.
يبدو الاهتمام بالمواطن لافتاً من خلال الخطوط الصفراء في الشوارع والتي تعطي أفضلية المرور للمشاة، فيما تزود الأعمدة بأزرار تساعد المشاة على إضاءة الضوء الأخضر عند تقاطعات المرور وفي أماكن وجود الإشارات، طبعاً إلى جانب خطوط خاصة بالدراجات الهوائية التي يكثر استعمالها لدواع رياضية أو توفيراً للمال ومساهمة في تخفيض نسبة التلوث في الجو.
اللاجئ الذي يطأ أرض سويسرا قد لا ينال تلك الرعاية قبل حصوله على الإقامة. إذ أن قدومه الاختياري إلى هذا البلد لا يعني قدرة الكانتونات الستة والعشرين على استقبال هذا العدد الكبير من المهاجرين الوافدين إما عبر البحر او عبر دول أخرى مجاورة. لذلك تبدو اقامة اللاجئ مختلفة عن المواطن أو المقيم الذي يحظى بتسهيلات في العمل او الدراسة قلما يجدها في بلد آخر.
لا يمكن المقارنة بين وضع اللاجئ ووضع المواطن السويسري أو حتى المقيم “الشرعي”. فالكل ينال حقوقه كإنسان في موطن نشوء اتفاق جنيف لحقوق الانسان العام 1949.
ولعل سياسة سويسرا الحيادية كموطن لرأس المال العالمي، نظراً لوجود السرية المصرفية، وكمعقل لمعظم المنظمات الدولية التي تهتم بحقوق الإنسان وحرياته السياسية والشخصية وبيئته النظيفة، قد أعطى بعداً آخر لبلد صغير تحيط به أقطاب اقتصادية كبرى وقوى عسكرية هامة، مثل فرنسا والمانيا. هو بعد إنساني بامتياز يجعل البلد الذي لا يغفل تعزيز قدراته العسكرية، بلداً مسالماً لا يقدم على احتلال أي بلد آخر ولا يتعرض هو نفسه للاحتلال.
البيئة النظيفة والطبيعة الجميلة المتمثلة بالجبال والبحيرات ونوافير المياه المنتشرة بكثرة في المدن والجداول والشلالات وقوة القانون ودقة تنفيذه، ودقة واهتمام الموظفين الرسميين في تقديم الخدمة للمواطن، وتوفير الأمن رغم ندرة تواجد الشرطة في الشوارع، كل ذلك يجعل الإنسان في هذا البلد هو الهدف وهو محور النظام.
كل ما من شانه تعليم أو ترفيه أو تعزيز قدرات المواطن تجده في سويسرا من خلال المدارس والجامعات ومراكز التأهيل المهني والمراكز الرياضية على أنواعها جبلية ومائية وجوية، كذلك المطاعم السويسرية والعالمية والمقاهي ودور السينما والمسارح ودور الأوبرا والكونسرت الرائدة.
كبار السن أيضاً خصصت لهم مراكز الرعاية واللهو التي تحد من شعورهم بالوحدة، من خلال مساعدين وممرضين للاهتمام وتوفير كل ما يلزم للمتقاعدين، وخصوصاً العاجزين منهم.
ومما لا شك فيه أن القراءة التي خصصت لها مكتبات في كل حي من احياء المدن وفي كل قرية، إشارة ممتازة على حسن علاقة السويسري مع “خير جليس”. إذ أن الأمم المتحضرة تبنى بالعلم والثقافة وهذا ما يتوفر في هذا البلد من خلال الجامعات ومراكز الأبحاث وشركات صناعة الأدوية والمنتجعات الصحية العلاجية ومعالم الثقافة والفنون والعلوم المختلفة، والتي تراكمت عبر قرون وعقود منذ ظهور الاكتشافات العلمية والنظريات الفلسفية واقامة العديد من العلماء والمكتشفين العالميين في أحضان جبال الألب.