- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

نصرالله ومفهوم النصر

Ali Nasserdineعلي ناصر الدين*

خطاب حسن نصرالله الاخير يبين بوضوح تخبط حزبه وغرقه في الرمال السورية وعدم قدرته على الخروج من المأزق الذي «وضعته به ايران».

فهو يعرف أن الانتصار مستحيل والانسحاب ممنوع ، وهو بحكم تجربته في مقاومة اسرائيل قبل العام ٢٠٠٠ يدرك تمام الادراك ان الشعوب المقاومة في سبيل حريتها ليس بالامكان الانتصار عليها مهما بلغ المعتدي من قدرات بشرية وعسكرية، وليست الجزائر وفيتنام سوى مثلين على ذلك.

ما حققه حزب الله بعد الانتصار على اسرائيل واجبارها على الانسحاب هو …الانتصار على بيئته. فهذه البيئة الطيبة تمكن حسن نصرالله من السيطرة عليها من خلال ما يمكن اعتباره اكبر عملية غسل ادمغة في تاريخنا المعاصر. وحصل ذلك بالاستعانة بالخبرات والاموال الايرانية التي جعلت من أبناء هذه البيئة غرباء عن مجتمعهم بل أكثر من ذلك.  والحديث عن ولاية الفقيه باتت ثقافتها وانتمائها وممارساتها بعيدة كل البعد عن الثقافة الشيعية الوطنية الاصيلة التي انبتت مفكرين وعلماء كبار لامجال لتعدادهم، ولا يزال العديد من مثقفي الشيعة يواجهون ويقاومون هذا الخلل في التركيبة الشيعية التى تسبب بها حزب الله.

بالعودة الى ادبيات الحزب وحملات الحزب وخطابات نصرالله يبدو التركيز واضحا على «مفهوم النصر» خصوصا مايسميه نصرالله انتصار حرب تموز. ولكن… لو تمعن المتلقي في مفهوم الانتصار الذي يحاول نصرالله “اقناعنا به” مستهدفاً اولاً بيئته وثانيا كل اللبنانيين وبعدهم العرب لوصل ونحن معه والعرب أيضاً الى نتيجة نراها منطقية وهي ان حرب تموز كانت هزيمة كبيرة ليس فقط للحزب ولكن لكل لبنان.

لقد تمكنت اسرائيل من الوصول الى مجرى الليطاني مكبدة الحزب اكثر من الف وخمسمائة شهيد وخمسة آلاف جريح عدا التدمير لخمسين الف مسكن واضطرار اهل الجنوب للنزوح والنوم في العراء واللجوء الى سوريا التي فتح شعبها ابوابه لاستقبالهم.

واليوم في ظل الحرب السورية نرى أن جزاء ذلك … حزب الله ذهب بعد خمس سنوات ليقتلهم في عقر دارهم… أياً كانت التبريرات.

لقد ربحت اسرائيل الحرب واتت بأكثر من عشرة آلاف جندي دولي يحمون حدودها ودفعت بحزب الله الى الداخل اللبناني. ونحن اليوم نرى مآثره في تدمير الدولة وهي واضحة للعيان وقد اتجهت «بندقيته المقاومة» في العام ٢٠٠٧الى اهل بيروت واهل الجبل … ويمكن القول في مفهوم الخطأ الذي وقع به حزب الله أنه يكمل انتصارات اسرائيل في ذهابه لقتال الشعب السوري والمساهمة في تدمير سوريا … أياً كانت التبريرات.

لاعتب على حزب الله فهو يبدو اليوم اداة حرب ايرانية بأيدي لبنانية ولكن العتب هو على تلك «البيئة أو قسم من هذه  البيئة» التي جعل منها  الحلف مع ايران كما يبدو عدوا لكل من يناقضها وزرع فيها كراهية العرب والعروبة علما ان الشيعة هم من اكثر القبائل العربية عروبة واصولا.فهل يعود هؤلاء الى حضن الام بعد ان سرقتهم ايران من بيئتهم.

*صحفي لبناني مقيم في باريس

الإدارة: الوارد في صفحة آراء لا يعبر عن موقف الصحيفة فهذه زاوية حرة تستقبل كل الأراء التي تصلها وتنشرها كما هي شرط أن لا تدعم الإرهاب ولا تثير النعرات الطائفية أو العنصرية