- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فيلم “الاعتراف” الكوميدي

زاوية حادّة

حسام كنفاني

مع اندلاع الثورة السورية قبل ستة أشهر، دخلت معطيات ومصطلحات جديدة إلى ساحة الربيع العربي. معطيات كان الإعلام الرسمي السوري بطلها، بدءاً من التسميات التي باتت تطلق على المتظاهرين، من “مندسين” إلى “عصابات إرهابية”، وصولاً إلى أفلام الاعترافات الخاصة بـ “الإرهابيين”، والتي اختتمت بفيلم المقدم المنشق حسين هرموش.
من تابع فيلم هرموش، ليل الخميس الماضي، كان لا بد له من الابتسام، على الأقل، وهو يتابع الإخراج الرديء لـ “فيلم الاعتراف”. رداءة متعددة الأوجة، تبدأ من الديكور والجلسة والنظرات التي كانت دائماً خلف الكاميرا، لتمر عبر عمليات التلقين الواضحة من قبل المذيع، لتصل في النهاية إلى السيناريو والحوار الذي كان هرموش يتلوه على المشاهدين، السوريين والعرب.
لم يترك هرموش، أو من يقف خلف الفيلم، اسم معارض سوري بارز، إلا وذكره في “اعترافات”. ومن كان ينساه، كان يتم التذكير به من قبل الملقّن الذي أدار الحوار، أو من كان يقف خلف الكاميرا، حيث كانت نظرات هرموش متوجهة في غالب فترات الشريط القصير نسبياً. التركيز في الشريط كان على المعارضين، ولاسيما الإخوان المسلمين، الذين يصنّفهم النظام السوري بأنهم “إرهابيون”. هرموش في البداية أعلن أنه تلقى اتصالات من قيادات في “الإخوان” قال إنهم استخدموا “أسماء مستعارة”، ثم ما لبث أن بدّل السيناريو ليؤكد أن الأمين العام للجماعة، رياض الشقفة، اتصل به وعرض عليه مساعدات.
وحرص القيّمون على “الفيلم” إيراد أسماء لا تحظى باحترام في الشارع السوري، فوضع اسم النائب السابق للرئيس عبد الحليم خدام وعم الرئيس الحالي رفعت الأسد، وتم حشر محمد زهير الصديق، شاهد الزور في قصية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، ليشيروا إلى أن “المؤامرة” التي تتعرض لها سوريا “متعددة الأطراف”، وعنصر السلاح أساسي فيها، على اعتبار أن جميع هؤلاء عرضوا تسليح المعارضين وإدخاله إلى الأراضي السورية.
لكن الأطرف في هذه “الفيلم الكوميدي” كان وضع اسم برهان غليون على لسان “الضابط المنشق”، الذي كان يجاوب بالإيجاب على كل اسم يسأل “المذيع” إذا ما كان اتصل به. لم يكن هرموش يفكر كثيراً في الأسماء، فالمطلوب منه التأكيد فقط، وهو ما كان يقوم به.
فيلم الاعتراف الرديء ليس الأول بالنسبة إلى الإعلام السوري، فهو اعتاد خلال أيام الأزمة على بث أفلام مماثلة، لكن أهمية الأخير يمكن في شخص هرموش “المنشق”. ولعل أطرف شريط اعتراف تم بثه كان لشخص اسمه “أبو نظير”، الذي اطلق عليه ناشطو الانترنت اسم “أبو نظير ربي يسّر”، نسبة إلى الكلمة التي دأب على قولها في الشريط. حتى أن الناشطين استحدثوا صفحة على الفايسبوك للمطالبة بـ “فيلم جديد لأبو نظير”.
الإعلام السوري يتعامل بسذاجة مطلقة مع الشعب والمشاهدين، حتى أنه لم يُتعب نفسه في صياغة سيناريو محبوك، رغم توفّر كتّاب ومخرجين سوريين اجتاحوا العالم العربي بمسلسلاتهم. لعل من الأفضل في المرة المقبلة أن يلجأ النظام إلى هؤلاء إذا أراد تقديم فيلم قابل للتصديق.