- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مما يخاف العرب اليوم…؟

سلوى قاضلسلوى فاضل
من هو بشير الجميل؟ عدد كبير من اللبنانيين، ناهيك عن العرب، بات لا يدري من هو هذا «الرجل»، رغم أنه كان «رئيساً» للبنان وإن هو لم يمارس دوره في قصر بعبدا.

عند انتخاب الجميل (بشير)  شعرنا بالإحباط لأنه كان مقرباً أو لنقلها اليوم، كان حليفاً لاسرائيل. آنذاك كانت اسرائيل عدوة العرب أجمعين. واليوم الإكتئاب يغمرنا ليس فقط بسبب جملة الحروب في المنطقة، ولكننا لأننا بتنا نترحم على عصر عداوة الإسرائيلي، ونتأسف لأن أكثرية باتت لا تلتفت للاسرائيلي ولكن تنظر فقط نحو إجرام الأنظمة العربيّة؟
كل شيء يتغيّر مع الوقت.

فالوقت كفيل بمحو الحبر عن الأوراق والتاتو عن الجلد.

في العام 1982 أُعلن عن انتخاب بشير الجميّل الرئيس السابع للجمهورية اللبنانية- وهو ابن بيار الجميل مؤسس حزب الكتائب الذي قاد الثورة ضد عبد الناصر، وشقيق أمين الجميل الرئيس اللبناني الذي انتخب بعد اغتيال أخيه، مباشرة  بُعيد الغزو الإسرائيلي للبنان في آب 1982 . فالجيش الاسرائيلي كان قابعاً  لأول مرة إلى عاصمة عربية وطرد منظمة التحرير الفلسطينية منها.
بشير الجميّل عُرف بعدائه للفلسطينيين وعلاقاته الجيدة، بل الممتازة، مع الاسرائيليين، وهو مؤسس حزب القوات اللبنانية التي يتزعمها حاليّا سمير جعجع. اغتاله حبيب الشرتوني القوميّ التوجه، خلال اجتماع له مع قيادة الكتائب قبيل تسلّمه مقاليد الحكم. ورغم كل سياسته وعلاقاته مع الصهاينة فهو يعتبر شهيدا في كتب التاريخ المدرسية اللبنانية، ووضعت صورته الى جانب كل رؤساء لبنان منذ الاستقلال…
وهكذا وفي ظل الإحتلال صوت 45 نائباً مسيحياً، و12 نائباً شيعياً، و4 نواب سنَّة، و2 دروز، أي ما يساوي 63 نائباً من أصل 99  أُنتخب بشير لكونه كان المرشح الوحيد آنذاك…فالخوف من جيش الاحتلال كان في نفوس سياسيي لبنان .
أصيب العديد من اللبنانيين بصدمة كبيرة عند مرور للدبابات الإسرائيلية من امام منزلهم في الضيع وبجانب أرصفة المدن. الناس كانت إما صامتة مكبوتة أو فاغرة فاهها تنظر للعدو بعضهم يلوح يده بالخمسة للتحيّة والسلام وآخرون مذهولين من وجود العدو في عقر دارهم.
ذكريات: نشرة الأخبار المسائية على تلفزيون لبنان تنطلق، والجميع مكوّم امام الشاشة، ذات اللونينالأسود والأبيض، كأن ضربة جلاد جمعتهم في زاوية. الجميع يشعر بالحرج بعض الأميين يهوّنون الأمر على الجميع قائلين: “أحسن من غيرو”. كره الفلسطينيين والمقاومة الوطنية كان عارماً في حينها.
اليوم… وبعد 34 عاما يقف الجنوبيون في منتصف الشارع العام، ليقولوا للجميع المرشح الماروني ميشال عون هو فقط أو لا رئيس للبنان…!
ولكن من هو ميشال عون؟ عون البشيريّ الهوى وريث بشير الجميل. هو لبناني العصبية، “الكاره للسوريين ولسوريا والعرب” هو الرجل الذي حارب حلفاء من يدعمه اليوم.
اليوم انقلب الجميع على أعقابهم، كما يقال، وعادوا الى المربعات الملونة الأولى. صار العونيّ مناهضا لإسرائيل وصارت إسرائيل عدوة،  وانتقلت سوريا من العداء الى الإخّوة، وحزب الله يدعم العونيين، وبشير الجميل صار في كتب المدرسة بطل من لبنان. والعوني اكتشف أنه أخ للنظام السوري، وصارت المصطلحات العونيّة البشيريّة مقبولة ومهضومة من الطرف الآخر الذي كان مستهدفاً من … بشير الجميل،  أناشيد بشير “الوطنجية” تطن في أمكنة لم يكن يدخلها أنصار الجميل من دون بنادق وتحت حماية الاسرائيليين.

الذكريات محاها الزمن: بعد إنتخاب “بشير” جاءت بهجة عارمة باغتياله… ثم جاء الانتقام …ورعب انتقام قواته، وهول مجازر صبرا وشاتيلا (هل نسي العالم هذه المجازر)، وكل تلك الأجواء البشعة أطلت علينا في ظل العصر الإسرائيلي.
أما عصرنا الحاليّ؟ فقط اختفى التنديد بالإجرام الإسرائيلي وبات تهليلاً وتطبيعاً … أما الخوف الحقيقي فهو بات من داعش من جهة ومن النظام السوري من جهة أخرى… الخرف بات من الذبح والمفخخات والسوخي الروسي، لم يعد الخوف من محتلي فلسطين.