- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

غربان العرب في الغرب

Moammar 2016معمر عطوي
كثيرون هم العرب الذين هاجروا إلى الغرب بداعي الدراسة او البحث عن فرصة عمل أفضل أو العيش في ظروف آكثر أمناً وراحة من البلد الأم، بيد أن الكثير من هؤلاء أيضاً لم يستطع أن يندمج في المجتمع الذي يعيش ويعمل فيه ويتقن لغته فبقي متعلقاً بتقاليده العربية التي لا تعير اهتماماً لا لوقت ولا لنظام، مع تغيّر جوهري في الذهنية يفيد التخبط بين الماضي والحاضر لا التغيير نحو الأفضل.
ففي الوقت الذي يحترم فيه الغربي الوقت ويلتزم بدقة في جدول مواعيده، ويبدي انضباطاً عالياً تجاه واجباته والتزاماته المهنية أو حتى الإجتماعية، نرى بعض هؤلاء المغتربين لم يخرج عن اطار يجعله بالفعل مغترباً عن المجتمع الذي اختاره كمكان لتعليم اولاده ولمواصلة حياته في هدوء.
هؤلاء يعيشون في ما يشبه “غيتو” منغلق على أفكارهم القديمة وتربيتهم الراسخة في أذهانهم وسلوكياتهم وأخلاقياتهم. هم يلتزمون ببعض المعايير التي قد تؤدي مخالفتها الى دفع غرامة أو الخضوع لعقوبة ما، لكنهم يتجاهلون تماماً الآخر حين يتعلق الأمر بقيم وأخلاقيات المهنة أو سلوكيات اجتماعية قد تعبّر عن صدق وجديّة ولطافة الشخص إزاء غيره من بني البشر.
على سبيل المثال إذا كان أحدهم مسؤولاً في مؤسسة إعلامية أو تجارية أجنبية، في البلد الذي يقيم فيه أو يحمل جنسيته، يبدي تجاهلاً كبيراً للرسائل التي قد تصله من بني جلدته خصوصاً، فلا يرد عليها ولا يحترم صاحبها، ولا يفكر حتى في الوقت الذي بذله هذا المسكين في كتابة رسالة يتمنى أن تلقى آذاناً صاغية.
هنا يصح القول الإسرائيلي “أن العرب لا يقرأون”. اذا كان في موقع مسؤول او حتى مجرد موظف، فإما أنه لا يقرأ الرسالة طالما أنها بلغة بني جلدته “المتخلفين”، أو قد يقرأها ويتجاهلها مثل العديد من المسائل التي لا تدخل في حسابات ربحه وخسارته.
هو مضطر ألا يلقي بالمهملات في الشارع وأن لا يدخن السجائر في الغرف المغلقة ولا يقود السيارة من دون حزام آمان، ليس لأنه تعلم الذوق والأدب والنظافة والنظام، بل لأنه يخشى على نقوده من الضياع في صناديق المخالفات. وفي حين يردد صاحبنا دائماً المقولة الأميركية الشهيرة ” time is money” فإنه لا يأبه بوقت غيره وما قد يكون صاحبه المتعشم به خيراً، قد بذله من جهد للوصول اليه أو الى عنوان بريده الالكتروني أو رقم هاتفه.
هذا تفصيل صغير او غيض من فيض السلوكيات التي قد يلاحظها المرء مع المغترب العربي في بلاد أوروبا، إذ أن هناك الكثير من القصص والقضايا التي تستحق الكتابة عنها.
إذن هي الذهنية الشرقية التي تترسخ مع الزمن وتصبح في إطار الطبع الذي يعلو دائماً على التطبع. هذا الإنسان المتغرب عن مجتمعه هو كالغراب الذي لم يستطع تقليد البلبل ولا استطاع أن يعود الى طبيعته.