- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حلب وتركيا وحماة: الإعلام وتبدل التعليقات ومتغيراتها

BT_2016نقطة على السطر

بسّام الطيارة

ينقسم العالم العربي اليوم إلى تيارين: تيار يرى في ايران وحزب الله وسوريا والعراق صورة الشيطان وتيار يرى في السعودية وأميركا واسرائيل والغرب بشكل عام صورة ابليس. هكذا هو عالمنا العربي اليوم وهكذا هي مواقع التواصل الاجتماعية من فيسبوك إلى تويتر مروراً بأنستاغرام …تياران لا يلتقيان ولا يقرأن بعضهما البعض. يعيش كل منهما مع نفسه يتنفس ما يلفظه مؤيدوه ليعيد بثه لتلتقطه جماعته وهكذا دواليك.

كما هو العالم العربي فإن صحافته ووسائله بكافة أشكالها منقسمة إلى تيارين. لم يعد هذا يسبب أي ضيق لدى أي منتمٍ إلى أحد التيارين، فهما خطان متوازيان لا يلتقيان.

قد يبدو الأمر مبكيا في ظل واقع العالم العربي، ولكنه في الواقع مضحك. مضحك لمن ينتقل من قراءة تيار إلى قراءة التيار الآخر، ويصبح ضحكاً حتى الغثيان في حال مقاربة ومقارنة ما يكتب حول موضوع واحد ضمن نفس التيار. إذ أن كتّاب هذه التيارات يرون ضرورة إشباع نهم المتلقين في تيارهم فتتغير «قراءاتهم وتحليلاتهم» حسب المتغيرات اليومية على الساحة العربية.

الأمثلة كثيرة لمن يتابع عن كثب هذه المتغيرات، وعلى سبيل المثال وليس الحصر لنأخذ الحالة السورية، وتحديدا في الفترة المتدة من الأسابيع الثلاثة الماضية حتى اليوم.

معلقو تيار رأوا أن معركة حلب هي مؤشر نهاية الحرب على الأرض السورية وهللوا للانتصار. معلقو التيار المقابل رأوا نفس التوجه وبالطبع في اتجاه آخر واعتبروا أن تحرير حلب سيفتح طريق دمشق.

عندما حصل الانقلاب في تركيا صفق مؤيدو تيار ورأوا في الأمر نهاية أردوغان وسياسته تجاه سوريا بينما رأى التيار المقابل في سقوط أردوغان بداية تغيير في سياسة أميركا لإسقاط النظام في سوريا.

عندما قابل أردوغان بوتين صفق مؤيدو تيار ورأوا في هذا «تغييرا استراتيجياً سيقلب المعادلات» وبدأوا يحلمون بحلف يمتد من طهران إلى موسكو مروراً بأنقرة ودمشق وبغداد. بينما التيار المقابل رأى في ذلك خطوة تحضيرية لما بعد ولاية أوباما وتقارب بين الحلف الأطلسي وروسيا لكسر الحلف الروسي الإيراني.

عندما انطلقت طائرات روسية من قاعدة إيرانية لتقصف محيط حلب، هلل مؤيدو تيار ورأوا في ذلك بداية لحلف روسي إيراني سوري سيقلب المعادلات على الأرض. فيما رأي التيار الآخر في ذلك برهاناً على تضعضع وضعف القوة الجوية الروسية.

عندما دخلت القوات التركية إلى الأراضي السورية صفق مؤيدو تيار ورأوا في ذلك «إحياء لمعاهدة أضنة» وبداية لتقارب بين دمشق وأنقرة. بينما رأي التيار المقابل بداية «تحرك فعلي» من قبل تركيا لتنفيذ منطقة آمنة على الحدود السورية.

من نافل القول إن كل هذه التحليلات المكتوبة لإشباع قراء التيارين هي زبد ورغوة مثل فقاعات الصابون تنتفي بمجرد بدء كتابة تحليل جديد، ولكنها ترضي «السلوك الممتع وصولاً إلى إثارة الغرائز السياسية» المتأصلة اليوم لدى مؤيدي التيارين. هي نوع من الامتاع شبيه بالليبيدو يتجرع منه قراء التيارين في كل لحظة عبر القنوات المنقسمة أو الصحف المتنافرة أو شبكات فيسبوك المتناحرة.