- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سويسريات 5.. القرية تعانق المدينة

Capture d’écran 2016-09-07 à 11.03.57معمر عطوي

لا يمكن الحديث عن قرية ومدينة في سويسرا، إذ أن المدينة بصورتها الهادئة وقربها من حياة الريف تتحلى بخصائص القرية التي نعرفها في معظم بلدان العالم.
العاصمة برن على سبيل المثال، فيها تلك الأحياء القديمة التي تشكل مع مجمع المباني الحكومية الذي يضم مجلس النواب ومكاتب الوزارات، إلى جانب المقاهي والمطاعم ودور السينما والمسرح وصالات عروض الموسيقى والرقص والمتاحف، كتلة عريقة من التماذج بين عبق المدينة النابض بالحياة وهدوء القرية وما فيها من بساطة العيش.
هنا لا يحتاج الزائر لأكثر من عشر دقائق في الحافلة أو السيارة، بين ساحة “Bernpaltz” أو محطة القطارات والحافلات الرئيسية “Hauptbahnhof” وبين أقرب مزرعة لتربية الأبقار والماعز في “Köniz” أو “Ostermündigen” على سبيل المثال.
في برن مسابح حديثة مجانية للكبار والصغار، ومراكز ثقافية متنوعة، إلى جانب مساحات واسعة من الحدائق وجنائن الأطفال وملاعب الرياضة. والأبرز من كل ذلك مرور النهر كأفعى تتلوى وسط أحياء المدينة لتضخ بها الحياة. إذ يشهد النهر على ضفتيه مسابح ومتنزهين وحدائق للحيوانات ومطاعم ومقاهي وواحات للأطفال، إضافة الى كل ما يمكن أن يسهّل ممارسة الرياضات المائية على أنواعها.
هنا على ضفة نهر الآرو ينعم المرء بقراءة كتاب في هدوء وسكينة على مقربة من وسط المدينة، حيث تدار السياسات المستمدة من رأي الشعب واستفتاءاته، وحيث تدور عجلة الاقتصاد مع صناعة ناجحة للسياحة.
تذهلك المدن السويسرية بهدوئها الممزوج بصخب لطيف، ترطّبه تلك النوافير المنتشرة على جنبات الطرق والتي يمكن للمرء أن يشرب منها من دون أي خوف أو حذر، بحكم الفحص الصحي الدائم الذي تقوم بها السلطات.
لعل مواقعها القريبة من المساحات الخضراء الواسعة يجعل من المدن قرى واسعة أو مكبّرة، في مقابل ريف يزحف نحو المدينة على شكل واحات جميلة خلابة تنتشر فيها المزروعات على أنواعها وترعى فيها المواشي والخيول وتعشش في أشجارها الطيور على أنواعها.
هنا حيث يمكن للإنسان أن يشتري البيض البلدي والحليب الطازح وبعض انواع الفواكه والخضار من المزرعة مباشرة، لا وجود لأحزمة بؤس كما في مدن وعواصم عالمنا الثالث. بل على العكس تجد من يعمل في الزراعة أو تربية المواشي يعيش في بحبوحة مالية تظهر من خلال بيوتهم المصممة بشكل فني آخّاذ أو من خلال آلاتهم الزراعية الحديثة التي يعملون بها في الحقول والمزارع وحظائر المواشي.
وكما هو الريف يزحف نحو المدينة كذلك تمتد أسباب التمدن إلى القرى النائية، حيث يلاحظ السائح كلما دخل في غابة أن ما بعدها تستريح قرى أخرى تنعم بكل أساب الراحة والتقدم.
تصل وسائل النقل من قطارات وحافلات الى كل قرية، حيث تتوفر المدارس والمتاجر الكبرى والمراكز الصحية والأندية الرياضية والثقافية والمكتبات العامة والمطاعم والمقاهي. قد يظن السائح للوهلة الأولى حين ينتهي من زيارة مدينة أوز قرية، أنه دخل في الأدغال أو وصل الى حدود البلاد، بيد أنه سرعان ما يفاجأ بقرية جديدة فيها كل مظاهر الحياة وأسباب الرفاهية.
هكذا تنعم القرية السويسرية برفاهية المدينة ونبضها، بينما تتحلى المدينة بصفاء القرية وتزدان بصورها التقليدية العريقة وعبق الفلاحين.