- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

معاناة الفلسطينيين في سويسرا

capture-decran-2016-09-28-a-16-16-54برن- معمر عطوي (خاص)
في أجواء عبقت برائحة الصعتر والنعناع، ازدحم مقهى “بيتاريا” المعروف بمقهى فلسطين والذي يملكه إبن مدينة الناصرة سامي ضاهر، بعدد كبير من الناس الذي أتوا لسماع معاناة الفلسطينيين جراء بناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية المحتلة، وذلك على لسان الناشط الفلسطيني ابن بلدة بلعين عبد الله أبو رحمة، فيما حفل المكان بمأكولات فلسطينية عربية على إيقاع صوت العود والطرب الأصيل.
أبو رحمة الذي عانى شخصياً من الأسر ست مرات وتعرض منزله مرات عديدة للدهم من قبل عناصر الإحتلال الصهيوني، تحدث في البداية عن وضع الضفة وتقسيماتها بين السلطة الوطنية الفلسطينية والإحتلال، وعدد المستوطنات ومحاولات القضم والمصادرة المستمرة. ثم تناول تجربته الشخصية في إطار المقاومة السلمية التي دفعت سلطات العدو مراراً لإسكات صوته من دون جدوى.
الناشط الفلسطيني الذي يقوم بجولة أوروبية شملت المانيا وسويسرا لتوضيح حقيقة ما يجري في فلسطين اليوم، حاول من خلال قريته بلعين أن يوصل للرأي العام الأوروبي معاناة وطن لا زال يرزح تحت الاحتلال منذ العام 1948.
تلك المدينة الواقعة على مسافة 12 كيلومتراً فقط من عاصمة السلطة الفلسطينية رام الله، والتي تتبع إدارياً لمحافظة البيرة، ترسم إحدى اللوحات المؤلمة الناتجة عن بناء جدار الفصل بين المناطق الفلسطينية والذي قضم مئات الدونمات من أراضيهم وحول حياتهم الى جحيم يعيشونه كل يوم على الحواجز العديدة التي تفصل بين الوريد والوريد من شرايين القرى المتصلة ببعضها جغرافياً، بينما قطع أوصال العائلات وسبل التواصل حتى بين أفراد العائلة الواحدة.
حكاية بلعين هي حكاية العديد من القرى والبلدات التي يمر فيها الجدار، إذ يتكامل دوره مع مشاريع بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي بهدف ترحيل الفلسطينيين وإجبارهم على الخروج من بيوتهم وأراضيهم. لذلك تشكل مستوطنة “موديعين عيليت” أحد أهم اسباب التضييق على أهالي البلدة التي وقعت تحت الإحتلال منذ حرب حزيران العام 1967، لكنها ومنذ توقيع الاتفاق الانتقالي الناتج عن مفاوضات أوسلو، في شأن الضفة الغربية وقطاع غزة في العام 1995، دخلت القرية تحت إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية، وهي التي تبعد فقط أربعة كيلومترات عن الخط الأخضر الذي يفصل الأراضي المحتلة منذ العام 1948 عن بقية الأراضي.
الناشط أبو رحمة الذي تحدث بالإنكليزية متناولاً أربعة محطات أساسية في تاريخ الضفة، وهي وقوعها تحت الإحتلال، بناء الجدار، طرد البدو الفلسطينيين من بيوتهم وترحيل قادة التحركات الشعبية، اصطحب معه خرائط وشرائط مصورة لتوضيح مراحل الإحتلال وتغير الخريطة بين مرحلة وأخرى، ومن ضمنها تقسيم الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق واحدة خاضعة للاحتلال وثانية للسلطة وثالثة للطرفين.
لقد حاول أبو رحمة من خلال لقائه هذا الذي جمع عدداً كبيراً من السويسريين المتعاطفين مع القضية الفلسطينية والذين يرغبون بمعرفة ما يجري هناك، إيصال رسالة للعالم بأن الشعب الفلسطيني لا يستخدم العنف في نضاله المشروع ضد العدو، بل هو يلجأ الى كل الأساليب السلمية التي يمكن أن تعبّر عن غضبه وعدم قبوله بممارسات الإحتلال.
من هنا كان استعراضه للتحركات الشعبية التي انطلقت في بلدة بلعين منذ مطلع العام 2005، أسبوعياً ضد بناء الجدار. نشاطات سلمية على الطريقة الغاندية، مشيراً إلى أن هذه الاحتجاجات كانت تتم من خلال ممارسات رياضية وفنون وموسيقى وغيرها من وسائل التعبير الراقية والتي دفعت ناشطين غربيين وإسرائيليين ومنظمات غير حكومية للتعاطف والمشاركة في تظاهرات مع الضحية ضد الجلاد.
هذه الاحتجاجات التي تتخذ شكل مسيرات من البلدة إلى موقع الجدار بهدف وقف بناء وتفكيك ما تم بناؤه، تحولت في كثير من الأحيان إلى مواجهات أسفرت عن استشهاد أشخاص من المعتصمين وإصابة مئات آخرين برصاص جنود الاحتلال الذين عمدوا الى استخدام كل الوسائل القمعية لوقفها واعتقال المئات من الناشطين.
في هذا السياق عرض أبو رحمة شريطاً مصوراً يُظهر كيفية تعاطي جنود العدو معه شخصياً خلال أحد الاحتجاجات، إذ واجههم سلمياً، في حين استخدموا معه العنف والضرب وقيدوه وقادوه للاعتقال معصوب العينين.