ديانا الزين – بيروت (خاص)
يجلس عمار العزاوي يتردد قليلاً قبل أن يقول«اجمل ما في تلك الحرفة أن ما يدور في مخيلتك من حب تجسده امامك على شكل نموذج مصغر»، بهذه البساطة اختصر العزاوي أعماله الفنية: «المنمنمات».
في ظل عراق يتخبط يوميا ومنذ سنين مضت، بحرب لا علاقة للعراقيين بها، الا جنسيتهم العراقية والقدر! في ظل الموت والدمار، والدم اليومي والخوف، يحاول البعض تخطي الحواجز النفسية والمادية و…الخوف، بتحقيق بعضا من أحلامهم، التي لربما تكون بصيص أمل لهم ولعراق متعافى.
هي حال عمار العزاوي، من مواليد بغداد عام ١٩٨٦، يعمل في تجارة الحيوانات مع والده، صباح العزاوي، وهو من اشهر مربي الحيوانات في بغداد. يبيع الحيوانات للعراقيين أو للخارج.
أنهى عمار ماجيستير في الادارة وألاقتصاد من جامعة بغداد، بعد أن تم رفضه في كلية الفنون الجميلة لعدم تواجد “الواسطة” أي من يدعمه للدخول إلى الكلية كما بات الحال اليوم.
تربى عمار في بيت طلب العلم قبل المال، فاخاه ضابط في الجيش العراقي، وشقيقته انهت دراستها في كلية اللغات، للغة انكليزية. وهو تربى على مباديء محددة، ولا يمكن أن يتنازل عنها: حب الوطن، وعلى ترك أثر يذكره بلده به بالخير.
وبسبب حبه للفنون، عمل مع والده في تجارة الحيوانات لكنه بدأ هواية أخرى، هي جزء من حلم الدراسة والعمل، هي حرفة صنع النماذج المصغرة والديوراما. بدأت موهبة عمار في سن السادسة عندما شارك بتشجيع من الأهل والأقارب بمعارض للرسم والمهرجانات. ثم تطورت موهبته في الرسم، ثم برع في فن النحت، وهو ما ظهر الان في عمله في الديوراما.
“والديوراما هي منظر ثلاثي الأبعاد ينظر اليها من خلال ثقب في جدار حجرة مظلمة، وهي معرض صغير يعرض اشكالا أو أشياء مجسمة أمام خلية مدهونة أو مجسمة تتصاغر المجسمات باتجاه خلفية المعرض، بحيث ثبدو المشهد كأنه حقيقي.” أما النماذج فهي محاكاة مجسمة لشيء ما وقد يكون مطابقا للشيء المقلد، أو بسيطا مجردا من التفاصيل غير الضرورية، وبعض أنواعه أن يكون مصغرا عن الشيء الأصلي.
بدأ عمار في جمع نماذج مصغرة عن السيارات والدراجة، مما دفعه الى اقامة معرض مصغر لعرض النماذج، وكان هذا اول عمل له. بعد ذلك، عمد عمار الغزاوي باحياء التراث البغدادي عن طريق الديوراما، على شكل نموذج مصغر بطريقة واقعية. واجه عمار صعوبات كما يحصل في بداية كل عمل،خاصة لما له علاقة بالمواد المستعملة، ثم أصبح العمل أكثر سلاسة وسهولة، وأضاف عمار لمساته الخاصة على أعماله.
يبيع عمار اعماله في نطاق الوطن أو خارجه، لهواة الفن والتحف، لبلاد كتركيا وعمان. اما هؤلاء فهم أشخاص يقدرون هكذا أعمال بما خص الجهد والوقت المبذولين. وهو يصنع المواد لمن يطلبها بسبب عدم توفر المواد المستخدمة لصنع تلك الأشكال. فهو يستعمل مثلا الصلصال والخشب وغيرها، ولا توجد مادة محددة .
تمت دعوة عمار للمشاركة في مهرجانات في مصر والعراق ودبي، لكنه لم يشارك لأن عمله ما زال في مرحلة التطوير، وليس كاملا كما يبتغيه.
أما الوقت الذي يحتاجه هذا العمل فهومن شهر الى شهرين تقريبا ، واختياره للعمل يتم من خلال صور واقعية يحولها الى نماذج مصغرة أو ديوراما. ويصنع عمار نماذجه من خلال التراث العراقي.
ينكب عمار على عمله بكل حب وشغف، وربما هذا ما يظهر في تميز ما يصنعه، لعمار طبعا صفحة على الفايسبوك للتواصل مع متابعي أعماله ومن تستهويه هذا النوع من الحرف. ومن المفارقات المضحكة، أن أحدهم نشر صوره على أنه سوري الجنسية! مهما كانت جنسيته، فهو عربي يقول للعالم أجمع، بالرغم من الموت في بلادنا، قلوبنا ما زالت تنبض بالحب والأمل والعمل، باضافة بعض الشغف الى حياتنا من خلال أعمال مميزة كتلك التي يصنعها عمار.
ديوراما هي مشهد ثلاثي الأبعاد مصغر يُنظر إليها من خلال ثقب في جدار حجرة مظلمة، والديكون هو عبارة عن منمنمات وهي مجسمات صغيرة لها أشكال مختلفة وملونة وتبدو وكأنها قطعة من منظر حقيقي وإن كان هذا كله على مقياس صغير. ومن أشهر من عمل في هذا المضمار على صعيد عالمي الفنان الياباني ساتوشي اراكي.