- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ما يدور في رأس دونالد ترامب

dans_la_tete_de_donald_trump-anne_toulouse_0نصيرة بلامين

صدر مؤخرا عن دار النشر ستوك الفرنسية كتاب “في رأس دونالد ترامب” لآن تولوز.

وتقول آن تولوز إنه يتعذر علينا فهم ظاهرة ترامب إذا لم نلجأ إلى التاريخ فميلاد الولايات المتحدة الأمريكية ناتج عن ثورة ضد النظام القائم وتوسعت أمريكا بفضل باحثين عن الثروة إذ كانوا يتقدمون دون معرفة أين يتجهون.

كما يتعذر علينا فهم ظاهرة ترامب إذا لم ندرس سوسيولوجيا هذا البلد المتكونة من العديد من الهجرات والتي خلقت مجتمعات قوية كل واحدة منها تشعر بتهديد من الهجرات الأخيرة.

العنصر المحدد في الانتخابات هو العامل الاقتصادي وهو الميدان الذي يتفوق فيه دونالد ترامب بحيث       ضاعف استثماره الأولي لأعماله بـ 4500 مرة.

ويشمل برنامجه العديد من الوصفات التطبيقية لمقاول بغية إيجاد حل لضعف البلاد ومن جملة من الاستفزازات لهز الرأي العام.

ومهما كانت الصور الرمزية في ترشح ترامب للانتخابات فإن الموجة التي أثارها تسجل نقطة لا رجعة فيها في مجال توزيع القوى بين الحزبين الكبيرين الذين اعتلا السلطة.

وتعد هذه الانتخابات استثنائية في البلاد والتي من شأنها أن تفاجئ الجميع، وقد بدأت الحملة الانتخابية بين مترشحين اثنين وهما جاب بوش وهيلاري كلينتون ثم تلاهما دونالد ترامب وبارني ساندرز.

وكان لدونالد ترامب صدى عندما أعلن أنه ليس لديه الوقت لأن يكون سياسيا صحيحا فهو لم يحترم أي طابوه لسانيا كان أو سلوكيا ولكن عندما يتعلق الأمر بأمن البلاد فإن الأمور تتحول ضده.

ومع هذا فإن أحد نقاط القوى لدونالد ترامب هو تقديمه صورة الرجل الاستثنائي من خلال نجاحه وثروته وصورة الرجل العادي من خلال سلوكه.

أما حياته فهي تشبه حياة أي أمريكي منظمة حول فضيلتين اثنتين وهما العمل والعائلة وحتى وإن كان يزعم أنه تاجر بأحسن فودكا في العالم إلا أنه لا يشرب الكحول ولا يدخن ولا يتعاطى أي نوع من المخدرات وكل ما يشربه هو دييت كوكا وشرائط حلوى.

عدد مرافقوه السياسيون مقلص وهذا نتيجة تهجماته العديدة والمؤلمة لأعضاء حزبه فوحده حاكم مدينة نيو جيرزي كريس كريستي يسانده بعدما خسر كمرشح.

أما على ساحة هوليود فوحده كلينت استود يسانده وأما في المجال الرياضي فقد نجح كثيرا ومن بين مسانديه بوبي نايت وهو رياضي غير معروف عالميا لكنه مشهور في الولايات المتحدة الأمريكية كونه مدرب الباسكيت بول الجامعي.

ولكن من يسانده حقا هو عائلته وفي هذا يقول ترامب: “لقد ترعرعت مع الحلم الأمريكي وهو أن أقتسم حياتي مع زوجة وأولاد وهو أمر يصعب نبذه”.

وأحد أكبر الألغاز في شخصية ترامب هو سلوكه غير منطقي تجاه النساء فهو ينعتهن بسوء ومع هذا فالمرأة الأمريكية تمثل أكثر من 50 في المائة من سكان الولايات المتحدة و53 في المائة من المصوتات. ومع ذلك نجده يتصرف كأب تجاه النساء اللاتي ينتمين إلى عالمه.

كما يعتبر ترامب فظا فهو لا يخفي محبته للنساء الجميلات والصغيرات في السن وهو لا يأبه بتاتا عندما يقول لإحداهن أنهن لم يعدن لا جميلات ولا صغيرات.

أما فيما يخص الاتصالات فترامب متصالح تماما مع الاتصال الفوري إذ أدخل في التاريخ عرضا دائما مع الشبكات الاجتماعية. وهو لا يحتاج إلى وسائل الإعلام فهو وحده يعد وسيلة إعلام.

كما وصف ترامب برجل الأعمال الخاسر فمهما يكن تقديرنا لمهاراته السياسية فإن ثروته التي تقدر بـ4 ونصف مليار التي ذكرتها مجلة فوربس هي حصيلته في الأسواق المتنافسة للعقار الفخم بمنهاتن، كما إنه على رأس 500 شركة.

وفي ربيع 2016، اعتبرت وسائل الإعلام الأمريكية أنها ضحية أعراض فرانكشتاين، إذ خلقوا شخصية يتعذر عليهم إتقانها.

فما هو الفرق يا ترى مع سياسيين آخرين؟ الفرق هو أن ترامب دفع بالحملة الانتخابية إلى مستوى الفن الكبير بخبرة شخص نجح في إتقان الكلام وهذا حتى في أوضاع شائكة ففي ما يخص الهجرة غير الشرعية فهو يقول: “سنبني جدارا ونبعث الفاتورة إلى المكسيك”.

في المقابل اعتبر ترامب في الولايات المتحدة الأمريكية وحتى في الدول الأوروبية نازيا وفاشيا وحتى وإن كان كلامه يتعدى الأخطاء هذا لا يعني أنه لا يتقن رسالته. فحملته الانتخابية تخضع لقاعدة يكون أو لا يكون. وفيما يخص صورته فترامب لا يريد عرض صورة رجل سياسي بل صورة رئيس أي رب عمل. فعلى عكس الفرنسيين فإن الأمريكان يحبون أرباب العمل، إذ يعتبر النجاح مثالا وطنيا.

لا شيء يزعزع ترامب على الأقل ظاهريا، بخصوص ما حصل له أو قيل عنه،إذ رأيه وحده هو الأهم ولا شيء غير ذلك. لقد عرف ثلاث خسارات مالية خرج في كل منها أكثر غنى، وعرف زواجين فاشلين.

وعلى الرغم من كل ذلك هل سيفوز ترامب في الانتخابات؟ مهما يكن ،سنعرف النتيجة في شهر نوفمبر المقبل.