- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فرنسا: ما يقف خلف تفكيك مخيم كاليه

capture-decran-2016-10-26-a-22-33-56باريس – بسّام الطيارة (خاص)

تم أمس (الاربعاء) إخلاء مخيم كاليه. هذا المخيم الذي أطلق عليه تسمية «جونغل» وترجمة هذا التعبير الحرفية هي «الأجَمَةُ » وهو تعبير يحمل معنى خاص في الحضارة الغربية وهي الإشارة إلى «منطقة قليلة التحضر وخارج حدود السلطة الإستعمارية» وفي الواقع هذا المخيم لم يكن خاضعاً لأي سلطة ومن هنا أطلق المواطنون عليه هذا الاسم. ويدل على نوع  الهمجية التي تسكن تلك المنطقة والاستعمال اليوم هو استعمال يحمل الكثير من الفوقية. يكفي هذا للدلالة على ما يكنه بعض الفرنسين لهذا المخيم.
مسألة المخيم الذي تم فكفكته يدل على أن فرنسا هي الدولة التي استقبلت أقل عدد ممكن من اللاجئين الهاربين من مناطق الحروب. والرقم المتفق عليه هو بين ٩٠٠٠  وعشرة آلاف لاجئ في دولة تضم ٦٦ مليون نسمة ولا داعي للأي مقارنة مع دول صغيرة مثل لبنان أو الأردن.
الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند استعجل تنفيذ إخلاء المخيم لأسباب سياسية داخلية، فشعبيته بلغت في آخر استطلاع ٤ في المئة. وخطوته مرتبطة بالأجواء العامة التي تجترح فرنسا في هذه المرحلة قبل أشهر قليلة من الانتخابات الرئاسية.
فهناك أجواء انطوائية ومعادية للاسلام بشكل عام خصوصاً بعد الهجمات الإرهابية التي ألبسها اليمين وعدد من السياسيين الاشتراكيين للمسلمين بشكل عام. وهذا الشعور ما أهب ارتفاع شعبية اليمين المتطرف. كما أنه يوجد خلط لدى عدد من المواطنين بين اللاجئين والمهاجرين المقيمين الذي يشكلون عامل توتر سياسي في البلاد تتقاذفه الأحزاب.
أراد هولاند بعثرة هذا تجمع اللاجئين في مخيم كايه في محاولة للتخفيف من تسليط الأضواء على تجمع اللاجئين المكثف وهو ما يحفز أنصار اليمين والأفكار الشعبوية.
ولكنه ارتكب خطأين :
١) الخطأ الأول هو أنه وزع إقامة اللاجئين على كافة أرجاء فرنسا بشكل نشر الاستنكار والرفض لوجودهم على كافة الأراضي عوضاً عن يكون محصوراً في منطقة واحدة.
٢) الخطأ الثاني هو أنه سلط الأضواء على شوفينية بعض الفرنسيين الذين رفضوا وبقوة وصول بضع عشرات من اللاجئين إلى قراهم. الصحافة العالمية باتت تذهب إلى أقاصي فرنسا لوصف معارضة المواطنين لاستقبال أعداد بسيطة جداً من اللاجئين.
إلى جانب هذه الأخطاء فإن هولاند في سعيه لكسب ود  بعض أركان حزبه الذين يريدون استقبال عدد محدود من اللاجئين لإرضاء اليسار والشيوعيين الذين انكفأوا عن الحزب الاشتراكي أغضب عدداً من الوسطيين للطريقة التي وزع بها اللاجئين على عدد كبير من القرى التي لم تعرف غريباً أو أجنبيا سابقاً ما دفعها إلى أحضان اليمين المتطرف. وتم ذلك بشكل سلطوي من دون أي تشاور مع رؤساء البلديات المعنية.
في هذه العملية خسرت فرنسا على كافة الجهات فهي
– سلطت الأضواء على العدد القليل من المهاجرين الذين تستقبله
– أظهرت للعالم أنه في بلاد حقوق والانسان هناك قسم من المواطنين لا يريد استقبال لاجئين وهم بذلك يتشبهون باليمن المتطرف في ألمانيا وهولاندا وشمال أوروبا.
– وكشف أن الأحزاب الفرنسية لها موقف متفاوتة غير منسجمة في قضية إنسانية كهذه رغم الدور الذي تلعبه فرنسا لاقناع دول أوروبية أخرى باستقبال لاجئين وهي التي تشارك على كافة ساحات الحروب في المناطق التي يهرب منها اللاجئون.
– والأهم من ذلك برز ضعف الرئيس هولاند الذي أراد أن يظهر قوته في مسألة، على أهميتها، هي بعيدة جدا وللأسف عن اهتمامات المواطن الفرنسي الذي يعيش أزمة اقتصادية وتتزايد العطالة بين أفراده.