- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

في روسيا كما في …: وزير الثقافة يحمل دكتوراه مزورة

ويتهم مؤرخون روس فلاديمير ميدينسكي وزير الثقافة الروسي بتزوير اطروحته الأكاديمية وهو يشغل منصبه الوزاري منذ سنة 2012، شهادة دكتوراه أخرى في العلوم السياسية. وهو استفز مرات عدة أساتذة جامعيين بسبب نظرته القومية للتاريخ الروسي، حتى أن أستاذين جامعيين في مادة التاريخ رفعا دعوى ضده مطالبين بسحب شهادة الدكتوراه في التاريخ التي نالها سنة 2011.

ويؤكد المدعيان أن الأطروحة التي تتناول موضوع روسيا في القرون الوسطى مليئة بالأخطاء والمغالطات “ولا يمكن تصنيفها في خانة البحث التاريخي”.

وفي هذا الإطار، يبدو فلاديمير ميدينسكي في هذه الأطروحة غير مدرك بأن الدنمارك بلد إسكندينافي وبأن الكاثوليكية فرع من المسيحية.

ويقول إيفان بابيتسكي الذي ساعد الأستاذين الجامعيين على تقديم الشكوى إن “أطروحة ميدينسكي بمثابة فضيحة ومهزلة حقيقية”.

وقد أتت جهود المدعيين بثمارها إذ أن وزارة التربية قررت إخضاع أطروحة الدكتوراه لوزير الثقافة إلى التدقيق المعمق من جانب لجنة متخصصة. غير أن فلاديمير ميدينسكي نجح بعدها في إرجاء عملية التدقيق هذه إلى أجل غير مسمى.

وليس فلاديمير ميدينسكي الروسي الوحيد المتهم بتزوير أطروحته، إذ إن “المنشورات المغلوطة والمشوبة بظلامية فاضحة” تزداد بشكل مطرد، على ما تؤكد مؤسسة “التاريخ الحر” التي أنشئت سنة 2014 لمكافحة تزوير الأطروحات.

وتؤكد المؤسسة أن هذه الأطروحات التي تتشكل في كثير من الأحيان من نصوص منسوخة وبعض المقدمات الطويلة الغامضة، تسمح لمئات الأشخاص بالحصول على شهادات دكتوراه بفضل حكام جامعيين فاسدين.

ولا يتوانى مسؤولون سياسيون كبار عن كتابة أطروحات بشكل متسرع وبمستوى رديء في أحيان كثيرة بهدف تعزيز مشروعيتهم العلمية.

ويلخص آندري روستوفتسييف الذي شارك في تأسيس مجموعة “ديسرنت” المتخصصة في هذا الموضوع الوضع قائلا إن “الأطروحات المزورة مرآة لحقيقتنا”.

وبحسب إحصائياته، ما لا يقل عن 41 % من النواب في الدوما (مجلس النواب الروسي) هم من أصحاب الأطروحات المزورة. ويقول روستوفتسييف “آلية التزوير هذه تحظى بدعم حكومي متعمد”، مضيفا “هذا ليس بأمر يندرج في إطار السوق السوداء بل هو تجارة جنائية”.

وفي نيسان/أبريل الماضي، تسببت رصاصة بتحطيم زجاج مطبخ منزله الواقع في الطبقة التاسعة. ويقول “يبدو أن أحدهم صوب على المنزل من مسافة بعيدة”.

وعلى رغم التهديدات، حصلت “ديسرنت” على دعم ضمني من بعض كبار المسؤولين الروس من بينهم وزير التربية السابق، الذي بذل جهودا كبيرة خلال توليه مهامه الوزارية للتصدي للحكام الجامعيين المرتشين.

غير أن الباحثين يواجهون تقليص الحكومة للميزانية المرصودة لوزارة التربية بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وتقول الباحثة في علوم الوراثة سفيتلانا بورينسكايا “الأمر يبدو كما لو أن الحكومة لم تهتم بالبحث الأساسي ولا بالبحث التطبيقي” ما يؤدي إلى “هجرة أدمغة من روسيا”، وتضيف “من الصعب بالنسبة للعلماء التصدي لمنتحلي صفة الحائزين شهادات في العلوم السياسية، مجموعات أو فرادى”، معتبرة أن استخدام البحوث الجامعية لغايات سياسية شهد “تسارعا”.

وحصلت مواجهة خلال السنة الماضية بين فلاديمير ميدينسكي ومدير المحفوظات الوطنية الروسية بيتر ميرونينكو، فقد تعارض الرجلان بشأن تاريخ مجموعة عسكرية تعرف في روسيا بإسم “جنود بانفيلوف الـ28” الذين تميزوا ببسالتهم إبان معركة موسكو في الحرب العالمية الثانية.

غير أن رفع السرية عن المحفوظات السوفياتية أظهر أن أعمالهم طاولها تضخيم كبير بفعل الدعاية السياسية، ما دفع ميرونينكو إلى وصف “جنود بانفيلوف الـ28” بأنهم “خرافة”.

ورد وزير الثقافة واصفا جميع المشككين في دور هذه الفرقة العسكرية بأنهم “حثالة”، ما دفع مدير المحفوظات الوطنية إلى الاستقالة.

غير أن الروس سيتمكنون من تكوين وجهة نظر أدق في هذه القضية قريبا إذ أن فيلما يتناول إنجازات “جنود بانفيلوف الـ28” بتمويل جزئي من وزارة الثقافة سيعرض في صالات السينما اعتبارا من تشرين الثاني/نوفمبر.