- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ليبيا تستفيق من “نشوة الانتصار” على عنف متجدد

 

بعد أن تراجعت الاحتفالات باسقاط الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، العام الماضي، تنتشر جرائم العنف والاشتباكات بين متشددين مسلحين في ليبيا، في حين تشير التقارير الى أن اليبيين يحتاجون الآن “الى التركيز على بناء دولتهم الجديدة”.
وأفاد تحقيق لوكالة “رويترز” أنه على الرغم من أن اطلاق النيران يتكرر بمعدلات أقل من معدلات اطلاقها احتفالا في الاسابيع التي تلت مقتل القذافي في اكتوبر/ تشرين الاول، فان أصوات الاعيرة لا تزال تسمع في ليل طرابلس، حيث يقول عاملون في قطاع الامن ان السرقات والاشتباكات وجرائم القتل في تصاعد. وفي الاسبوع الماضي أفادت تقارير بوقوع هجومين بقنابل في وسط طرابلس ويتكرر تبادل اطلاق النيران بشكل شبه يومي.
وقال دبلوماسي غربي في العاصمة الليبية لـ”رويترز” إن البلاد “بدأت تفيق من نشوة الانتصار”، مضيفاً “لا تتكرر الاشتباكات بين الميليشيات المتناحرة وحسب بل ونرى كمّاً اكبر من التقارير عن جرائم في العاصمة وأعتقد أن هذا بسبب احباط الناس لان وتيرة التقدم في البلاد أبطأ مما كانوا يأملون”.
ورغم النجاح الذي حظي به المجلس الوطني الانتقالي، الذي يدير ليبيا، في تشغيل الكثير من الوزارات ووضع مسودة قانون للانتخابات يمنع قيادات المجلس من خوض الانتخابات التي تجري في يونيو/ حزيران، إلا أن الكثير من الليبيين كانوا يعتقدون أن ايقاع التقدم سيكون أسرع ويرون أن وزارتي الدفاع والداخلية فشلتا في دمج الميليشيات المتباينة المسلحة بكل أنواع السلاح بدءا بالمسدسات وانتهاء بالدبابات في قوات الجيش والشرطة.
وكانت هذه الجماعات قاتلت بشراسة في الحملة التي سعت للاطاحة بالقذافي لكنها ترفض الان تسليم أسلحتها قائلة انها لا تثق في حكام البلاد الجدد. وفقدت الحكومة السيطرة على معقل سابق للقذافي يوم الثلاثاء بعد أن قاد السكان انتفاضة مسلحة، وهو ما يمثل أخطر تحد حتى الان لسلطة المجلس الوطني.
وستزيد الانتفاضة في بني وليد من شكوك الغرب في قدرة حكومة المجلس على فرض القانون والنظام وهما ضروريان لاستعادة صادرات النفط ونزع سلاح الميليشيات القبلية وحماية الحدود الليبية في منطقة ينشط فيها تنظيم القاعدة.
وقال شيوخ في بني وليد (200 كيلومتر جنوب شرقي العاصمة) لـ”رويترز” انهم يعينون حكومة محلية خاصة بهم، رافضين اي تدخل من السلطات في طرابلس.
وأضاف التحقيق انه على الرغم من أن احتمالات امتداد ما حدث في بني وليد الى مدن وبلدات أخرى تعتبر محدودة، فان ما حدث يضاف الى المشاكل التي تواجهها الحكومة الجديدة الهشة. ولعل من أوضح الامثلة على هذا الشعور بالفوضى ونفوذ القذافي العالق حتى وهو ميت تلك الاشتباكات التي اندلعت في الاونة الاخيرة بين بلدتي الاصابعة وغريان المتجاورتين على بعد 80 كيلومترا تقريبا جنوبي طرابلس. وخلال القتال الاخير أقسم المجلس العسكري لغريان بأنه “يقاتل بقايا القوات الموالية للقذافي التي ما زالت مختبئة في الاصابعة”. وقال المتحدث باسم مجلس مدينة غريان اسماعيل العايب لـ”رويترز” ان سكان الاصابعة “اخوتهم ولكن نتيجة وجود مقاتلي القذافي أصبحت هناك مشكلة”. وأضاف أن هناك اكثر من الف جندي موال للقذافي في الاصابعة وهي بلدة لا يزيد عدد سكانها عن 50 الف نسمة”، وأطلع “رويترز” على وثائق تورد عشرات الالاف من قطع الاسلحة التي يزعم المجلس العسكري لغريان أنها موجودة في الاصابعة.
في الاصابعة حكاية أخرى تحكى وتقول ان سكانا لا علاقة لهم بالقتال خطفهم مقاتلون من غريان وعذبوهم وان أحدهم توفي من جراء التعذيب. وحتى الان نجح المجلس الوطني الانتقالي في الوساطة وانهاء هذه النوعية من موجات العنف التي تتكرر على مستوى البلاد وتقوض استقرار ليبيا الهش. وتم التوصل الى وقف اطلاق النار بين غريان والاصابعة بسرعة وزار رئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب ورئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل البلدتين.
وقال الدبلوماسي الغربي المشارك في حركة لانشاء لجنة للحقيقة والمصالحة لتوثيق جرائم الحرب التي ارتكبت خلال الصراع “ليبيا تنتقل من الحرب الى السلام وتحاول التعامل مع ما حدث”، مضيفاً أن “اي دولة ستكون لديها مشكلات بعد خوض ما مرت به ليبيا خصوصاً مع ادراك الناس أن البلاد ستحتاج وقتا لتطبيق القوانين والالتزام بها”.