- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

سوريا: الرفق بالحيوان

capture-decran-2016-11-11-a-15-30-15تجري الكلبة بتي على ثلاث قوائم بعدما فقدت الرابعة جراء رصاصة اخترقتها، متتبعة ببطء حمادة المشرف على المزرعة التي تؤويها في صحنايا قرب دمشق، والمخصصة لاستقبال حيوانات شاردة او اخرى اصيبت خلال سنوات النزاع الذي تشهده سوريا.

وبتي، كلبة بنية اللون، واحدة من 350 حيوانا اليفا، من كلاب وقطط وبعض السلاحف والطيور، تعيش في مزرعة انشأتها جمعية “الفريق السوري لانقاذ الحيوانات – ستار” لايواء الحيوانات المشردة وتلك المصابة جراء الحرب في ضاحية صحنايا.

ويقول حمادة عزقول (38 عاما) لوكالة فرانس برس “الحرب لم ترحم أحدا، وهجرت الحيوانات كما هجرت الناس، لكن الناس على الأقل يجدون مركزا لايوائهم أو جمعية لاطعامهم، أما الحيوانات فهي ضحايا منسية”.

تأسست جمعية “ستار” في ايار/مايو العام 2016 وتضم 11 متطوعا، ومن بين الحيوانات التي تؤويها 110 مصابة بجروح مختلفة، سواء بعيارات نارية او بتر اطراف او حروق او طعنات سكين. وهناك ايضا حيوانات مصابة بالشلل واخرى فقدت احدى حواسها.

capture-decran-2016-11-11-a-15-29-54وفي المزرعة التي كانت في السابق ناديا للفروسية، خصصت الجمعية ملعبا ترابيا للكلاب، حيث تركض العشرات منها، تتسابق وتلعب مع اربعة متطوعين.

وتقول رئيسة الجمعية هنادي المحتسب (38 عاما)، والتي تعمل اصلا في مجال الاخراج، “ازداد عدد الحيوانات المحتاجة للمساعدة خلال الحرب بشكل كبير، بعدما تهجر الناس من منازلهم ولم يعد بإمكانهم نقل حيواناتهم الأليفة معهم في رحلات النزوح”.

ويضاف الى ذلك، وفق المحتسب، “فوضى انتشار السلاح التي ادت الى تزايد حالات الاصابة بين الحيوانات بعيارات نارية”.

وتضيف “هؤلاء الذين يحملون السلاح قد يطلقون النار على اي حيوان يزعجهم في الشارع”.

– “ممنوعة من السفر”-

وتتلقى الجمعية يوميا عبر صفحتها على موقع “فيسبوك” عشرات الرسائل حول حيوانات مصابة او متروكة. الا ان غالبية الحالات تأتي عبر اصدقاء ومعارف وجدوا حيوانات مشردة بحاجة الى مساعدة.

وفي ساحة صغيرة، تتجمع القطط حول الطعام واخرى تتنقل بين بيوت خشبية صغيرة خصصت لها او تلعب مع فتاتين من المتطوعين.

تعدل أليسار درويش (34 عاما) واحدة من ألعاب الأطفال وتضيف اليها عجلتين اثنتين لتساعدا القطة “زهرة” المشلولة على التنقل. وتلفت أليسار النظر الى مشكلة اخرى تتمثل “بسفر معظم الأطباء البيطريين وفقدان الأدوية والأجهزة الطبية اللازمة”.

ودفع ذلك بمتطوعي الجمعية الى “استخدام ألعاب الأطفال واحداث تغييرات فيها لتتناسب مع إصابات الحيوانات”.

تفضل ايمان عميرة (28 عاما) المتطوعة مع الجمعية القطة “كارمن” عن غيرها خاصة انها فقدت بصرها بعدما صدمتها سيارة.

وتقول ايمان “أفضل العناية بحيوان غير مرغوب فيه، سواء كان فاقدا لبصره أو مشلولا”.

وتضيف “قبل الحرب كانت بعض الدول الأوروبية تستقبل الحالات الحرجة من الحيوانات، أما اليوم، فلا يمكنها السفر لأنها هي الأخرى ممنوعة من الحصول على تأشيرة”.

وكانت الجمعية تستقبل حيوانات مصابة من مناطق الحرب الساخنة مثل حلب (شمال) وحمص وحماة (وسط)، الا انها اضطرت للتوقف عن ذلك “بسبب النفقات المادية”.

– “الحيوانات المنسية” –

يمضي هاني الخطيب (24 عاما) عطلته الأسبوعية في مزرعة الحيوانات، يلعب مع الكلاب في الساحة العامة للمزرعة. ويتمدد ارضا الى جانب كلبه المفضل “براوني” غير مكترث باتساخ ثيابه.

ويقول هاني، الذي يرتدي كنزة بيضاء كتب عليها شعار الفريق “ستار”، لوكالة فرانس برس “لم يعد المكان يحتمل المزيد من الحالات، فالمزرعة مخصصة لثمانين حيوانا، ولدينا أكثر من 350 اليوم”.

ويضيف “تفوق تكاليف إطعامها ليومين فقط خمسين ألف ليرة سورية (حوالى مئة دولار)، وقد حاولنا التواصل مع جمعيات خارج البلاد للمساعدة، لكن لم يأتنا أي رد، والسبب غالبا هو العقوبات المفروضة على سوريا”.

فقد هاني الكثير من الاصدقاء بسبب الحرب، ان كان بسبب الالتحاق بالخدمة العسكرية او الهجرة او الموت، ولذلك لم يعد لديه اصدقاء فعليون سوى تلك الحيوانات التي يرعاها.

ويقول “قررت امتلاك حيوان ليكون صديقي من دون أن أخشى فقدانه، هذه الكلاب هي ما تبقى لي من أصدقاء في سوريا”.

عندما يحل الليل ويخلد معظم سكان دمشق للنوم، تحمل هنادي ما جمعته من فضلات لحوم من المتاجر والمسالخ وتجول برفقة زوجها في شوارع العاصمة لتوزع الطعام على الكلاب والقطط المشردة التي تصفها بانها “الحيوانات المنسية في الحرب”.

تتجمع عشرات القطط في احد شوارع منطقة المزة حول هنادي التي تشرح لوكالة فرانس برس “كانت القمامة قبل الحرب مليئة ببقايا الطعام، فكانت الحيوانات تجد ما تأكله، اما اليوم فحتى القمامة فقيرة جدا”.