- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“حكايات من البر الإنكليزي” لـ جمعة بوكليب

hikayatالطيب ولد العروسي – باريس (خاص)

تعرفت على الكاتب الليبي وجمعة بوكليب في مؤتمر حول المغرب العربي في مدينة جرجيس التونسية، أين خصصت له الندوة لقاء حول عمله السردي “حكايات من البر الانجليزي، ويليه خطوط صغيرة في دفتر الغياب”، الصادر في طرابلس، عن منشورات دار الفرجاني، الطبعة الثالثة عام 2016، تتكون هذه المجموعة من 46 حكاية، أو خاطرة، وتقع في 300 صفحة من الحجم الكبير، قضى الكاتب عشر سنوات في سجون القذافي، لمجرد أنه أسهم في الحركة الإبداعية وأدلى بدلوه في الآلة السياسية المتعفنة بكل شجاعة، ثم توقف عن الكتابة لمدة 18 سنة، ولما استقر بلندن (حيث تخرج من الجامعة) عاد مرة أخرى إلى فعل الكتابة التي نلمس من خلالها بعض ذكرياته ومساراته، وهو طالب جامعي، أو تلميذ في المدرسة، ولكن تيمة السجن تتكرر في الكثير من نصوصه السردية، أقول نصوصا، لأنه ليس من السهل تصنيفها في مجال معين، كونها تتراوح بين الخاطرة، والقصة القصيرة، ونصوصا حرة، لا تخضع لمقاييس فنية معينة. لأن ما يهم الكاتب فيها هو البوح بأشياء إما حدثت له شخصيا، أم كان شاهدا عليها، أو وقعت لأصدقائه، وهي تتميز بحضور مكان الولادة طرابلس، وبالوطن ليبيا، وتنطلق أحداثها من لندن ومن ضواحيها التي يتردد عليها السارد، في ذهابه وإيابه من العمل، فرصد مجموعة من النماذج البشرية التي تعيش في نظام متناغم، وفي حركة دؤوبة لا تتوقف.

تطرق الكاتب لمجموعة من المواقف الإنسانية المتعلقة بوجود المهاجرين العرب، ورصد لنا مواقف متنوعة بشكل سخري متوجة بأمثال شعبية ليبية تزيد في رهافة وشفافية الأسلوب المنتهج من قبل السارد، والمتعمق في إثبات الذات الممزقة بين الهنا (لندن)، والهناك (ليبيا)، لتجعل منها لوحات لكائنات متذبذبة مثل زواج اللبيين بالإنكليزيات، أو تبدد حلم العودة للمساهمة في بناء المجتمع الليبي، أو المتمثلة في مشاهدات يومية في الشارع والحافلة وفي المطعم، وهي نصوص سردية كما يؤكد عمر أبو القاسم الككلي. ” تقع ضمن مناخات بلد استعماري عريق كان مركزاً لإمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، وملتقطة من واقع يومي عابر لبعض مدن هذا البلد، خصوصاً عاصمته الشهيرة لندن، يكتبها مهاجر عربي، سجين سياسي سابق من مستعمرة سابقة، وإن لم تكن انجليزية، لكن الانجليز أداروها بشكل مباشر، وكان لهم فيها وجود عسكري لحوالي ربع قرن”.

تعتبر نصوص جمعة كليب من بين أهم ما كتب حول لندن باللغة العربية، وعن الجالية العربية الإسلامية فيها ، وهي ترصد تجربة إنسانية سعى من خلالها إلى ترميم الذاكرة كما يؤكد قائلا: “ككاتب قصة وككاتب عموما أسعى دوما إلى ترميم ما تصدع مني وجدانيا ونفسيا وبدنيا ومحاولة خلق نوع من التوازن النفسي الصحي بيني وبين العالم والحياة”.