- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

بداية نهاية #فيسبوك؟

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

«كل ما طار طيرٌ وارتفع إلا وكما علا … يقع» يمكن أن ينطبق على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك». هذا الموقع الذي يشارك بـ«تفعيله» ما يزيد عن مليار و٥٨٠ ألف نسمة ، ووصلت إيراداته في السنة الأخيرة إلى ١١،٨ مليار دولار ودرت أرباح تقدر بـ ٣،٥٦ مليار دولار بدأ يدفع ثمن نجاحه منقطع النظير وبدأ يكون حوله دائرة من الأعداء الأشداء مكونة من … الحكومات… معظم حكومات العالم، وبشكل خاص حكومات بعض أكبر الدول.

وفي الواقع هذا العداء الشديد لا يعود إلى الأرباح الكبرى التي تحققها شركة فيسبوك والتي تتهرب منها ضرائبياً «بشكل قانوني»، وليس لكون فيسبوك بات المنافس الأكبر لوسائل الإعلام في العالم، ورغم أن الدول التي تحارب الحريات الفردية وترى في الإعلام الحر خطراً على حكامها أو مدعية المحافظة على الأخلاق (الجنس)…تحاول إغلاق منافذ فيسبوك (الصين والسعودية إيران كوريا الشمالية إلخ…)، إلا أن التطور التكنولوجي، يسمح دائماً بالتحايل على الموانع التي تضعها هذه الدول.

ولكن الجديد هو أن دولاً تحمل بالطول والعرض الحريات الشخصية والديموقراطية (ألمانيا وفرنسا وحتى الولايات المتحدة إلخ…) بدأت تطرح فكرة … مراقبة ما ينشر على فيسبوك!

السبب هو انتشار الأخبار الملفقة التي بحسب بعض المراكز بدأت «تؤثر سلبياً على الممارسة الصحيحة للحريات السياسية». فقد أثبتت دراسات تحليلية مؤخراً أن الموضوعات الإخبارية الكاذبة على مواقع التواصل الاجتماعي تكون عادة أكثر تداولا من الموضوعات اللاحقة التي تكشف كذب ما نشر سابقاً.

وقد بان ذلك جلياً خلال حملة انتخاب رئيس الولايات المتحدة والإيماءات بأن دونالد ترامب الفائز قد استفاد من خلال حملة مؤيديه على منافسته هيلاري كلينتون عبر فيسبوك والاتهامات التي وجهت لها والتجريح بصورتها. صحيح أن الميلياردير مارك زوكربرغ، صاحب ومؤسس فيسبوك، صرح قبل يومين «من الجنون الاعتقاد بأن فيسبوك ساعد دونالد ترامب على الفوز في انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة» إلا أن برهان عدم التأثير لا يضاهي برهان … النتيجة (رغم أن كلينتون استفادات أيضاً من استعمال مؤيديها فيسبوك لتلوين ما قاله ترامب عن المسلمين).

وكذلك الأمر بالنسبة للانتخابات التمهيدية لليمين الفرنسي وترويج اليمين المتطرف «صورة إسلامية» للمرشج الذي كانت يتبوأ استطلاعات الرأي ألان جوبيه عبر تسميته «علي جوبيه» في مئات الآلاف من البوستات والتغريدات فخسر. واليوم تستدير هذه الجهات المروجة لليمين المتطرف نحو فرانسوا فيون وتطلق عليه اسم «فريد فيون» مع تلاعب في صوره كما حصل مع جوبيه.

الانتخابات الألمانية على الأبواب وتتخوف سلطات برلين من أن تبدأ حملة تشويه للسياسيين الألمان المعتدلين، لذا الحكومة مشروع قانون يعاقب الموقع التواصلي فيسبوك وغيره في حال لم يسارع إلى سحب الأخبار الكاذبة بمجرد الكشف عنها. ومن جهتها قوننت فرنسا مسألة محاسبة المواقع التواصلية عند بث أخبار مؤهبة للإرهاب أو آراء تشيد بالجهاد أو تدعو لتجنيد الجهاديين المتطرفيين أو تبشر بالسلفية. وأظهرت الدراسات أن هذه القوانين خففت كثيرآً من الرسائل التي كانت الجماعات الإرهابية تبثها وتنتشر على الشبكة. ولا يستبعد بعض الخبراء أن تمتد هذه القوانين للأخبار الكاذبة والترويج لها.

السؤال الذي يقلق الجمعيات المهتمة بحوقوق الإنسان وحفظ الحريات يدور حول من يقرر الحد الفاصل بين «خبر كاذب» (جوبيه أو فيون متطرفين إسلاميين) وبين حرية الرأي حين ينتقد أي مواطن موقف معين لأحد السياسيين (كأن يؤيد جوبيه مثلاً إقامة قاعت صلاة للمواطنين الفرنسيين المسلمين)؟