- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مقالات الرأي وتطوير التفكير السياسي

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

من نافل القول إن الأنترنيت وفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي لم تساهم بنشر «المعرفة» في أرجاء العالم العربي. لا ريب أن عديدين كانوا بعيدين جداً عن الوصول إلى كم المعلومات التي باتت شبكة العكبوت تضعها في متناول قراءاتهم. في ذلك إفادة لا جدال فيها.

ولكن المعرفة طبقات وشرائح ضمن مجموعات تتقاطع على المدى البعيد. وكل ما كانت طبقات وشرائح المعرفة «سميكة» كل ما سهل تقاطع مجموعات العلوم المختلفة أي كل ما ازدادت المعرفة لدى الأفراد.

من ضمن مجموعات المعرفة يوجد «علم السياسة»، وقد اختلف العلماء حول تحديد مفهوم علم السياسة إلا أنهم اتفقوا على كونه علم «تغيير الواقع الاجتماعي للجماعة أو للدولة». والسياسة لا تقتصر على السياسيين الذين يسعون لاستعمالها لفرض قوانين على المجتمع يعتبرون أنها تغير واقع هذا المجتمع نحو الأحسن، بل هي شاغل للمواطنين الذين انطلاقاً من «سماكة معرفتهم السياسية» ينتخبون أو يولون أمورهم إلى هؤلاء الساسة.

من هنا ندخل إلى دور مقالات الرأي في صقل معرفة المواطنين. مقالات «الرأي» كما نراها في العالم العربي تحمل … «رأي» كاتبها فقط لا غير. وكما يعلم الجميع فإن العالم العربي بات مقسوماً إلى ضفتين لا تلتقياً، وبالتالي فإن أفراد تلك الضفة، مع استثناءات، لا تقرأ ما يكتبه كتاب الضفة الأخرى وإذا قرأها «كاتب رأي في الضفة المقابلة» فهو يفعل ذلك استعداداً لكتاب «مقالة رأي» تدحض ما قرأه، وهكذا دواليك تنتقل «قذائف الرأي» من ضفة إلى أخرى دون أن تفيد أي من المتشبثين بالضفتين.

على كاتب الرأي أن يحمل موضوع نسبة لابأس بها من «الإفادة المعلوماتية» أي «بعض المعرفة» للقارئ. معلومات «صافية لا تنتمي إلى أي من الضفتين». قد تكون على شاكلة تذكير تاريخي، أو نظرية لم خرجت من إطار التجاذب وباتت مكرسة، أو في حال تطلب الأمر نقل المعلوات المتعلقة بفكرة مقالته ولكن بشكل غير منحاز البتة: معلومات صافية.

بعد ذلك يمكنه بناء على تحليله (هذا هو رأي الذي يقدمه) يمكنه أن يستخلص ما يحمّله للمقالة من … رأي.

هذه الطرية تساهم بنشر المعرفة ولكن أيضاً تساهم بإيصال أفكار الكاتب إلى الضفة الأخرى ويدفع بمن يريد التصدي له نحو مربع جدال الرأي حول معلومات لا جدال فيها. هكذا يمكن للمقالة السياسية أن تساهم بصقل المعرفة السياسية لدى المواطنين.

هذه النصيحة موجهة أيضاً لـ«كتاب الفيسبوك» إذا أرادوا توسيع رقعة قراءهم للتواصل مع الضفة الأخرى.