- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

‫‬روسيا وسوريا: مصالح أرثوذوكسية!

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

باتت روسيا هي المستهدفة في مجلس الأمن وهي محور المشاورات واللقاءات عوضاً عن «المسألة السورية». السؤال اليوم هو هل يكون هناك تصويت في اليومين المقبلين أم لا؟‬
الأمر ليس بالسهولة التي يتصورها من يريد الذهاب إلى مجابهة مع روسيا، لأن المجابهة تعني قبل كل شيء «فيتو روسي» يحرج موسكو من دون أن يفتح باب التوافق على قرار يوقف النزيف السوري. ‬
إن إبراز «عزلة روسيا» لا يسهل التفاوض بعد الفيتو، بينما الحديث والخطابات التي تثبت المواقع من دون إحراج الديبلوماسية الروسية يمكن أن تحفظ خط العودة إلى تفاوض يمكن أن يقود إلى تراجع موسكو عن تصلبها مقابل «وضوح في بنود مشروع القرار»، ينزع الخوف من «بلفة غربية» كما حصل في الملف الليبي. ‬
ولكن إلى جانب ‬الوضوح يجب النظر إلى ما يمكن أن تحصل عليه موسكو في المفاوضات التي لا بد وأن تفتح خلف الكواليس. بالطبع إن التواجد في مرفأ طرطوس مهم لروسيا، ولكن الحديث الدائم عن المياه الدافئة بات حديثاً بالياً في عهد الصواريخ الباليستية. الديون السورية المتراكمة لصالح موسكو جراء شراء وتكديس الأسلحة، أيضاً يمكن إيجاد حل لها، إذ لم تخسر روسيا مليماً واحداً عندما «طردها السادات وحل محلها الأميركيون»، وكذلك من المستبعد أن تخسر ديون ليبيا وسوف تتم الحسبة عندما تستتب الأمور، فالغرب لن يسمح في التعامل الدولي بتسجيل سوابق «محو ديون» خارج إطار الاتفاقات الدولية.
إذا السوال: أين يمكن تقديم بعض الأوراق لموسكو، وخصوصاً أنها لا تخفي‫ قناعتها بأن نظام الأسد قد انتهى؟ ‬
عدد من العوامل التي تربط موسكو بسوريا يتم تجاهلها يومياً في الأخبار التي تتناول أحوال الشام.‬
في سوريا بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، وهي كنيسة أرثوذكسية شرقية بالطبع ولكنها أرثوذكسية قبل كل شيء. ‬
لنعد قليلاً إلى الوراء، إلى عهد كانت تركيا تسمى عثمانية، فعندما تذرعت فرنسا بحماية الكاثوليك تنطحت روسيا لحماية الأرثوذكس، وإن كان ذلك غطاء لمطامعها في السيطرة على مضيقي الدردنيل والبوسفور وأخذ دور حول طبق تقاسم الدولة العثمانية.‬ ‫في عهد بطرس الأكبر، اعتبرت روسيا نفسها الوريثة الشرعية للكنيسة الأرثوذكسية الكبرى في القسطنطينية، وأخذت تمد نفوذها إلى القدس والأراضي المقدسة، وأكثرت من العطايا للبطركية الأرثوذكسية للروم في القدس، وشجعت بطاركة اليونان الأرثوذكس على الانفصال عن كنيسة القسطنطينية وتأسيس بطركية مستقلة. القيصر ألكسندر الأول قدم مطالب لـ«الباب العالي»، يطلب فيها إقرار حقوق روسيا في حماية الارثوذكس ومصالحهم في الدولة العثمانية.‬
اليوم تركيا تلعب دوراً في مسائل الشرق الأوسط، اليوم يتقدم الإسلاميون في كل أمصار الشرق الأوسط. في القدس تراجع عدد المسيحيين مع حديث يومي عن «هجرة المسيحيين من الشرق» بسبب نزاعات الشرق الأوسط.
خروج روسيا من سوريا يعني ابتعادها كلياً عن كل ما يتعلق بأمور هذه المنطقة، فهي خرجت من عدن ثم الصومال ثم مصر ثم العراق ثم ليبيا، وها هو المطلوب منها الخروج من سوريا، ما يعني خروجها من كل منطقة الشرق الأوسط، وابتعادها عن أي حل مقبل للصراع العربي الاسرائيلي، وبالتالي عن حقوقها بالقدس وبحماية الأرثوزوكس. كل هذا بينما «القومية والتدين» يعودان إلى شرايين الحياة السياسية الروسية. ‫‬
‬ما يجري في سوريا قد لا يهم حكام الكرملين بقدر ما يهمهم ما يجري تحت شبابيكهم. السبيل الوحيد لاستمالة موسكو يكون بتقرب المعارضات كلها من موسكو وفتح علبة مصالح موسكو في المنطقة كلها بحكم موقع سوريا، وليس فقط في ميناء طرطوس.‫‬