- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

المحدّثون الجدد :مدوِّنون يرفعون الصوت عالياً

إيميلي حصروتي (لندن)

لا يعقل حالياً بأي شكل من الأشكال ان تكون شابة أو شاب ذا رأي ودور فعّال في مجتمعك من دون ان تكون مدوّناً من الطراز الأول، بل إن فرصك في إيصال ما تشتهي من أفكار بطريقة أصيلة تبدو معدومة إن لم تمتطِ موجة التدوين وتخلق لنفسك مدوّنة تخزن فيها أفكارك وملاحظاتك حول المواضيع التي تشغلك أو تستفزك. أكتب هذه الأسطر، وفي رصيدي مدوّنتان، لا أرى نفسي من دونهما مستقبلا وإلا كيف سيعلم من يريد ماذا أعتقد وبماذا أفكر، وحتى كيف أحب ومتى أحزن، إنهما خزّان مواقفي ومشاعري الذي أفرغ فيه ما يضيق الآخرون بنشره أو السماح لي بقوله.
تحوّل التدوين الى وسيلة للتعبير كسرت حاجز الخوف والرقابة في أكثر من بلد عربي، حيث اصبح مساحة بديلة عن الإعلام الرسمي التقليدي الذي يفتقد لليونة في معالجة المشاكل الاجتماعية والسياسية التي تقلق الشباب.
حاليا يمكن القول إنه بات هناك عدد من المدوّنين ينافسون الصحافيين في التعبير عن نبض المجتمع وطموحات شبابه وهمومه، وذلك في ظل هامش واسع من الحرية وصفه لنا عماد بزي، وهو مدوّن لبناني متفرغ ومعروف على الشبكة العنكبوتية باسم “تريللا”، قائلاً “في ظل الإنحدار المستمر لحرية الرأي والتعبير في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، جاء التدوين الإلكتروني ليؤمن فضاء حرّاً للشباب للتعبير عن رأيهم، والمميز فيه انه ينمو بعيداً عن مقص الرقيب ويجعل من المدوّنين محررين مسؤولين عن صفحاتهم يطرحون فيها مواضيع قد تكون محظورة في الإعلام التقليدي”.
محمود السيد، وهو مدوّن مصري، يشدد على شجاعة المدوّنين قائلاً “التدوين، وإن كان قد وفّر مساحة أرحب لطرح الأفكار والبحث عن الحقائق، إلا أن هذا لم يتحقق إلا بأيدي هؤلاء المدوّنين الأكثر شجاعة الذين لم يرتضوا رقابة سوى لضمائرهم”، بينما جاد ربيعة من الإمارات يتحدث عن بُعد آخر في التدوين يميّزه فيقول “لقد فتح الباب للكتابة عن كل شيء دون ان يكون هناك من يتتبع خطواتك، نقاشات في الدين والسياسة وحقوق المرأة، مدوّنات لمثليين وملحدين لكنها لا تصرخ بتلك التصنيفات، بل تكاد تمحو التمييز المجتمعي ضدهم تماماً لانها تقدمهم بشكل طبيعي، وهذا ما ساهم في تغيير فكرة الكثيرين عنهم”.
إن من يجول على المدوّنات العربية سيفاجأ بكمية ونوعية المواضيع التي يطرحها المدوّنون، وقد تحوّل بعضها الى كتب واعمال تلفزيونية كمدوّنة “عايزة أتجوز”، وبعضها يحمل مفاجآت حقيقية كتلك المخصصة للجنس او للعلاقات المثلية أو لتيارات دينية او اجتماعية محظورة والتي تتحلى بجرأة ملفتة، حيث تتكشف للقارئ تفاصيل وعوالم يكتب عنها من عايشها وتابعها عن كثب بصراحة وشفافية مطلقة.