- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

انقلاب في لبنان- ١١ مناجم الفساد

انتقل نظر شربل بين وجه ناريمان الجميل وبين هاتفها الخليوي المذهب… قبل أن يتنهد بقوة ويقول بصوت خافت: «الخليوي… والكهرباء… من مكامن الفساد في هذا البلد، ولكن …».
انتظر قليلاً قبل أن يصلح جلسته، ثم نقل نظره إلى السجاد الفاخر تحت قدميه وتابع:
– الفساد هو لبنة الحكم في لبنان … وللأسف، وهو يكلّف خزينة الدولة اللبنانية المليارات سنوياً. يحتل لبنان المركز ١٢٣ في مسألة الفساد حسب تقارير منظمة الشفافية الدولية للدول التي تخضع لهذا التقريم والبالغ عددها ١٦٨ دولة. ويسمى هذا التقويم مؤشر مدركات الفساد والمقياس يتراوح من صفر (فاسد للغاية) إلى ١٠٠ (غير فاسد).
وكلفة الفساد على إقتصادناد تتراوح بين ٤٠ في المئة و٣٠ في المئة من ناتجنا المحلّي كدول ناشئة أو في طور النمو. وهذا يقود إلى انخفاض في معدلات النمو وزيادة عدم المساواة في الدخل ضمن أقراد المجتمع ويقود إلى تآكل أوسع في المجتمع يتسبب بتصدع لبنة المجتمع اللبناني. كما أن الفساد يقوّض الثقة في الحكم اللبناني في الخارج…
أخذ شربل فنجان الشاي الموضوع أمامه ورشف منه بصوت مسموع وكأنه يترك المجال لمستمعيه كي يهضموا ما يقوله. ثم تابع:
– الفساد هو إساءة إستعمال السلطة لغرض الإثراء الشخصي، وهذا ما نراه حولنا. تكمن أسبابه في غياب الإدارة الحاسمة وغياب النظام قضائي الفعال، كل هذا يقود إلى غياب الشفافية وبالتالي غياب أسس محاربة الفساد… رغم وجود إطار تشريعي جيد… ولكن التطبيق غائب بسبب استفادة من هم مولجون بمحاربة الفساد.
هنا استلم الحديث رجل القانون بشارة وقال:

الفساد يكلف الدولة اللبنانية ما يزيد عن ١١ مليارات دولار سنوياً، منها الخسائر المباشرة أي الأموال التي كان من المفروض أن تدخل خزينة الدولة ولكنها تخرج من الدورة الاقتصادية وتدخل جيوب الفاسدين…
قاطعه شربل بحماسة:
– الخسائر غير المباشرة أهم فهي تلم المتعلّقة بالفرص الاقتصادية الضائعة وهي نتيجة مباشرة للفساد في العديد من المرافق العامة التي تغيب عنها الرقابة والشفافية.
قاطعت ناريمان الدكتور بسؤالها:
– ما معنى الفساد في المرافق العامة؟ الرشوة؟
– الرشوة تغرف من عدة مصادر مثل: التخمين العقاري والجمارك وخصوصاً الوزارات والمؤسسات التي تُقدم خدمات . أضف إلى أن سرقة الأملاك البحرية والنهرية. والمخالفات هي أرض خصبة لجباية الرشوات. كذلك الأمر مع جباية الضرائب والرسوم أما في المناقصاتفحدث بلا حرج.
هنا ولأول مرة دخل المصرفي ناصيف في معمة الحديث٬:
– صحيح نحن نخسر كثيراً من مسألة الفساد…
استجلب مدخل حديث ناصيف ردة فعل من جميع الحضور: بعضهم رفع حاجباً مشككاً بحديثه والبعض الآخر رفع حاجبيه بتعجب… فقط ناريمان ابتسمت ومرت أمامها صورة زوجه وهو ينظر لها عارية.
تابع ناصيف:
- أعزائي الفساد هو المسؤول الأول عن غياب الإستثمارات الخارجية والأجنبية عن بلادنا. المستثمر يفضل الاسواق التي يقل فيها حجم الفساد للإستثمار.. ذلك أنه يخاف على أمواله المستثمرة في بلاد يسود بها الفساد. لا ثقة لديه في أن السلطات تستطيع حماية استثماراته … نشهد ذلك يومياً في المصارف…
توقف بره قبل أن يتابع :«الفساد يعيق عمل وتطور ونمو الشركات… وبالتالي المصارف أي عملنا».
سأله منير على عجل وكأنه تشجع : «ولكن المصارف من المستفيدين من الفساد المستشري…» قال ذلك وهو ينظر إلى اللوحات والتحف الثمينة التي تلف جدران الصالون المذهب.
ابتسم ناصيف وقال:
– نحن نقوم بعملية إعادة تدوير أموال الفساد،،، هذا صحيح، ولكننا لا نستطيع وقف الفساد… وهذه الخسائر التي يتسبب بها الفساد للدورة الاقتصادية هي أموال تفتقدها المصارف… كذلك غياب الاستثمارات…
– ما معنى ذلك أن حضورك معنا هو لمصلحة المصارف وأصحاب المال؟ سأل الضابط فارس وهو يحدق بقوة بوجه المصرفي ناصيف.
– أنا أاتحدث باسمي ولكن ما أقوله يعكس تفكير عدد كبير من المصارف.
هنا تدخلت ناريمان لتخفيف الضغط عن زوجها وقالت:
إلى جانب المصرفيين، وأنا على ثقة بأن ناصيف يستطيع جلبهم إلى جانب حراكنا، يمكننا الاعتماد على زيادة الوعي لدى الشعب الذي بدأ يظهر بشكل حراك المدني وهذه ظاهرة لأول مرة في لبنان…
– من معنا من أقطاب الحراك المدني؟ سأل الضابط سامي.

(يتبع…)