- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

اتفاق أوسلو أضاع فلسطين

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

تتساقط أوراق الرزنامات سنة تلو الأخرى ومع تساقطها تغوص فلسطين في حفرة النسيان وطريق اللاعودة. بالأمس كانت الذكرى الرابعة والعشرون لاتفاق أوسلو. هذا الاتفاق الذي يدل على قصر نظر ولا يشي إلا بالمساوئ اليومية لحياة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.
إن اتفاق أوسلو هو أفضل مثال على نجاح علم التواصل والإعلام في «تبليع» شعب كامل مقلباً تاريخياً يسلب وطناً وأرضاً ومستقبلاً.(إن لم نقل شعوباً كاملة إذا أضفنا العرب).
هذا الاتفاق الذي ولد في ١٣ أيلول/سبتمبر عام ١٩٩٣ بعد مفاوضات سرية في العاصمة السويدية كان حجر أساس التخلي عن الأرض والمطالب الوطنية مقابل مراسم وحفلات وسجاد أحمر … وجاءزة نوبل لا تسد جوعاً ولا توقف استيطاناً واستعماراً للأراضي الفلسطينية.
نص الاتفاق بين منظمة التحرير والدولة العبرية على «تشكيل سلطة فلسطينية انتقالية ذاتية» في الضفة الغربية وقطاع غزة لمرحلة لا تتعدى خمس سنوات «تؤدي إلى تسوية نهائية مبنية على أساس قراري مجلس الأمن ٢٤٢ و٣٣٨» متجاهلاً القرار الأول للجمعية العامة للأمم المتحدة القرار أي القراررقم ١٩٤ والذي جاء بعد قرار التقسيم والذي نص بـ« وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقاً لمبادئ القانون الدولي والعدالة، بحيث يعوّض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة».
هو نص واضح مبني على مبادئ القانون الدولي والعدالة كما جاء فيه، ولكن مفاوضو منظمة التحرير تجاوزوا هذا المبادئ الأساسية وضحوا بها، ويدفع اليوم الشعب الفلسطيني ثمن هذا الجهل بالقانون والتسرع للحصول على قشور واعتراف لم يجلب أي حل حقيقي على الأرض. فالاتفاق لم يتناول مسألة الحدود والاعتراف بالدولة الفلسطينية ولم ينص بشكل واضح على وقف الاستيطان والبناء في المستعمرات اليهودية ولم يتناول مسألة القدس ولا مسألة اللاجئين.
هذا الاتفاق «كبل» أيدي الفلسطينيين باتفاقات اقتصادية وأمنية وترك الحرية كاملة للاسرائيليين للانتشار في الأراضي الفلسطينية واستعمارها.
وقد لعبت اسرائيل جيداً على وتر المصالح الشخصية للطبقة السياسية التي أفرزتها اتفاقية أوسلو. فهي كبلت تلك الطبقة بمنظومة مصالح اقتصادية عميقة بشكل بات انهيار السلطة يعني فقدانها تلك المميزات ناهيك عن انهيار الخدمات الصحية والتعليمية في الضفة وغزة.
قد كل ذلك إلى تقويض قضايا الحل النهائي عبر قضم منهجي للأراضي الفلسطينية والاستيلاء على منابع المياه الجوفية وتهجير السكان من محيط القدس ومحاصرة الفلسطينيين عبر ضم الأغوار على طول نهر الأردن. والأهداف التي تسعى لها اسرائيل ليست فقط أمنية واقتصادية ولكنها أيضاً تاريخية فهي تضع يدها وتصادر كل الأماكن التاريخية والأماكن الدينية لتمحي كل أثر للوجود الفلسطيني في المنطقة.
هل يمكن الخروج من اتفاق أوسلو الذي بنى سجناً كبيراً لشعب كامل؟ الإجابة مرتبطة بـ«الطبقة الحاكمة في رام الله» التي تتمتع بامتيازات مالية واقتصادية هائلة وبالتالي هذه الطبقة، دون أي اهام بالخيانة، هي تقاوم وتراوغ للإبقاء على امتيازاتها.
الحل الوحيد هو حل السلطة الفلسطينية والتخلي عن الأوهام والسجاد الأحمر والحرس الرئاسي واستقبال «النظراء» في ديكور مسرحي مضحك لمن يعرف قراءة التاريخ.