يقترب موعد الحادي والعشرين من الشهر الحالي، تاريخ انتخاب الرئيس اليمني، ببطء، فيما أنصار الرئيس الحالي، علي عبد الله صالح، الذي تشارف صلاحية حكمه على الانتهاء، يحاولون التمسك به ولو صورياً عبر صورته.
فقد شهد اليمن في الأيام الأخيرة ما يمكن أن يطلق عليه «معركة الصورة»، بعدما تخلى حزب المؤتمر الشعبي العام، التابع لصالح عن أي اهتمامات وقرر التفرغ للحفاظ على صورة صالح على الصفحة الأولى لصحيفة «الثورة» اليمنية.
تفاصيل «الأزمة» بدأت يوم الأربعاء الماضي. فللمرة الأولى منذ سنوات فوجئ قراء صحيفة «الثورة» اليمنية الرسمية بأنها خالية من «نافذتين» لطالما تصدرتا صفحتها الأولى. النافذة الأولى تحمل أهداف الثورة، فيما الثانية كانت تضم صورة لصالح وفقرة من خطاباته بوصفه رئيساً للجمهورية.
خطوة لم يكن بمقدور أتباع صالح، وهم يراقبون قرب تحوله إلى رئيس سابق، أن يستحملوها، فعمد مسلحون يتبعون للمؤتمر الشعبي العام إلى محاصرة مقر الصحيفة، مرددين هتافات ضد وزير الاعلام علي العمراني، الذي تعرض قبل أيام لمحاولة اغتيال، وبينها «يا عمراني يا خسيس، اين صورة الرئيس»، و«يا مسعودي يا خائن»، في إشارة إلى رئيس مجلس الإدارة رئيس التحرير المكلف ياسين المسعودي.
“الثورة” حاولت استيعاب الموقف، فعمدت إلى تسوية أعادت بموجبها أهداف الثورة الستة إلى مكانها المعتاد على عكس «نافذة» صالح، فما كان من البلاطجة إلاّ أن استمروا في حصارهم للصحفية، مانعين صدور عدد الخميس، للمرة الأولى منذ العام 1962، قبل أن يعمدوا، بمعاونة عدد من الصحافيين المحسوبين على صالح، إلى اعادة اصدار الصحيفة االجمعة لكن بحلتها القديمة، حيث عادت النافذتان إلى مكانهما مع نشر خبر في الصفحة الأولى بعنوان «اعتذار بالغ وعميق من صحيفة الثورة لشعبنا اليمني العظيم وأسر شهداء ومناضلي الثورة اليمنية”.
وجاء في الخبر «تتقدم مؤسسة الثورة للصحافة والطباعة والنشر وصحيفتها اليومية الرسمية الصادرة عنها وكافة منتسبيها وطواقمها ببالغ وعميق الاعتذار لشعبنا اليمني العظيم ولجميع أسر وأبناء شهداء الثورة اليمنية الأبطال سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر ولجميع مناضليها الشرفاء.. وذلك عن الخطأ الجسيم الذي اقترفه بعض الذين تنفذوا على إصدار العدد رقم ١٧٢٤٨ وتاريخ 1/2/2012 والذين لم يحسبوا عواقب إزاحة أهداف الثورة الستة من رأس صفحتها الأولى والتي تجسد آمال وطموحات شعبنا اليمني الكريم الذي بذل أبناؤه دماءهم رخيصة من أجل غد أجمل ووطن أفضل ونقشوا محبتهم وخلودهم وتضحياتهم في ضمير كل جيل ما تعاقبت دورات الزمن وتجددت روح الإصرار على تمثل تلك الأهداف والعمل لتحقيقها وإنطاقها فوق أرض الواقع”.
اعتذار رأى فيه البعض محاولة من أنصار صالح لحرف الأنظار عن حقيقة السبب الذي أدى إلى محاصرة الصحيفة ومنع صدورها، وهو عجزهم عن استيعاب أن عهد صالح قد انقضى.
وهو موقف لم يتأخر الرد عليه من قبل اللجنة النقابية بمؤسسة «الثورة» التي اصدرت بياناً اعتبرت فيه أن عدد الجمعة «ولد سفاحاً ونتيجة حالة اغتصاب للشرعية بحراب البلاطجة والمرتزقة الذين إلى هذه اللحظات يسيطرون على مؤسسة صحفية عريقة يتجاوز عدد عامليها ألف وخمسمائة موظف». وقالت إنها «تربأ بجميع الزملاء الصحافيين المحترمين أن يعملوا تحت حراب البلطجية”.
كذلك أدانت اللجنة استيلاء المسلحين على المؤسسة وإصدارهم عدد الجمعة، واصفة إياه بـ«العمل الجبان والحقير وغير الشرعي»، مطالبةً حكومة الوفاق الوطني بـ«إيقاف هذه المهزلة، أو الاستقالة الفورية». كما حمل البيان «حكومة الوفاق تلك المسؤولية، من بوابة التواطؤ الامني وتسهيل سيطرة بضعة من البلطجية على مؤسسة صحفية بهذا الحجم، هي الناطق الاول باسم الدولة، مع أنها لا تبعد عن وزارة الداخلية أكثر من 1000 متر”.
