- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

كيلو وعيطة ينقلان المأساة السورية إلى المواطن الفرنسي

بعيداً عن الضوضاء الإعلامي، وبعيداً عن الفنادق الفخمة واللقاءات الرسمية والمجالس والبيانات الإعلامية المنمقة والمدروسة، يتابع ميشال كيلو وسمير عيطة مهمة التواصل مع المواطنين الفرنسيين بحلقات صغيرة تنظمها بعض البلديات أو الجمعيات الناشطة الصغيرة، فتجمع ما بين ٣٠ أو ٤٠ مواطناً فرنسياً، نصفهم من أصول عربية معظمهم سوريين.
أهمية هذه القاءات تتجاوز بكثير المؤتمرات الصحافية في الفنادق الكبرى والجامعات، فهي تدخل المأساة السورية إلى المجالس البلدية الفرنسية وتصل إلى المواطنين الفرنسيين عبر ممثليهم في شؤون حياتهم اليومية التي لها اهتمام لديهم يتجاوز بكثير الاهتمام بـ «السياسة الخارجية وما يقال في القاعات المذهبة في الكي دورسيه». للتأكد من ذلك يكفي الابتعاد قليلاً عن «الصحافة الكبرى» والنظر صوب الصحافة المحلية، أي الصحف التي تتناول شأن«منطقة تشمل أربع أو خمس مدن صغيرة»، وهي صحف لها تأثير كبير على المواطنين، ولكن لا تحتل السياسة الخارجية فيها أكثر من صفحة واحدة، بخلاف الشؤون البلدية التي تحظو بنصف الصفحات والتي ينكب جميع المواطنون على قراءتها قبل كل شيء.
لقاء كيلو وعيطة، اللذين كانا محاطين برئيسة بلدية مالاكوف (Malakoff) كاترين مارغات(Catherine Margate) وعضوة في المجلس البلدي، سوف يحتل حكماً صفحات عدة في الصحافة المحلية القريبة من مواطنين هذه المنطقة. سوف يدخل إلى البيوت الفرنسية وسوف تتوضح صورة مهتزة ينقلها الإعلام التلفزيوني إما عبر إعلام سريع (٣٠ ثانية) في نشرة الأخبار أو عبر ريبورتاجات تنقل المشاهد إلى لب الأزمة السورية دون أي مقدمات تاريخية أو معرفة بإطار موضوع الريبورتاج وإن حصل فيكون مجتزأً، وهذه الريبورتاجات تتوجه، من حيث لا يدري القيمون على هذا الإعلام، فقط إلى «المتابعين الدؤوبين»، ولكن في فرنسا٦٤ مليون مواطن لهم شتى الاهتمامات غير الاهتمام بالحالة السورية، ورغم ذلك فهؤلاء لهم وزن يعادل، إن لم يكن يفوق، من حيث عددهم المتابعين النشطين.
ويبدو أن كيلو وعيطة وضعا نصب عيونهم مخاطبة «هذا الفرنسي» الذي لا يتابع يومياً الجزيرة أو العربية ولا يقرأ تقارير هيومن رايت واتش ولا بيانات مواقع ناشطة يجب إجراء تقاطع خبير بين معلوماتها للوصول إلى الحقيقة. لذا جاءت مداخلتهما بسيطة مؤثرة وذات فعالية رهيبة. والتقطت اهتمام الحضور، وبينهم عدد لا بأس به من «المتابعين» لسهولة العرض وعمق المشاعر الحقيقية التي حملتها كلمات بسيطة تدخل مباشرة إلى العقل بعيدة عن التهويل وتأجيج العواطف.
هذه البساطة بدأت بعرض لديابوراما جميل جداً عنوانه «أطفال الكرامة» قدمته البلدية، وعند سؤال منتج الفيلم (الذي بدا من أصول سورية) عن ظروف إنتاجه، كان صريحاً للغاية، ومن دون مواربة قال «هذة الصور المؤثرة ليست صوراً حديثة من ضلع المأساة الحالية ولكنها تعبر عما يعيشه الشعب السوري اليوم». هذه الصراحة أمنت نوعاً من الطمأنينة، إذ إنها تبتعد كثيراً عن «إعلام التهويل وتكبير الحدث»، رغم ذلك فإن الديابوراما كان جد مؤثراً.
عندما أمسك كيلو الميكروفون، مثل كل مرة، اعتذر عن فرنسيته الضعيفة رغم أنها وفت بما جاء من أجله وتبين خلال للقاء عمق فهمه لهذه اللغة. بينما خاطب عيطة الفرنسيين بلغة هادئة تناول فيها الحلول المقترحة وما يمكن أن تؤول إليه.

انظر إلى طروحات كيلو وعيطة عبر المقابلتين.

(الصور لـ عبد سليم قاروط)