- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

بيروت: لأول مرة مسابقة للمثليين

بيروت – تحقيق بي بي سي

ارتجفت يدا إلياس وهو يشعل سيجارته. إنها المرة الأولى بالنسبة له، إذ لم يسبق أن ارتدى فستانا من قبل. والليلة هي أول ليلة له في دور العارضة ميلاني كوكس، الشخصية التي سيتقمصها، والتي يحب أن يصفها بأنها “شرسة، جريئة، ممتعة ومثيرة”.

وعلى إلياس امتلاك هذه الصفات لأداء دوره على مسرح حانة معزولة ومخصصة لمثليي الجنس في بيروت.

وإلياس هنا للمشاركة في أول مسابقة من هذا النوع في لبنان. ويكون المتنافسون عادة من المثليين، لكنها تضم كذلك أصحاب الميول الجنسية الأخرى. ويلبس المتسابقون أزياء نسائية، ويضعون شعرا مستعارا، وينتعلون أحذية بكعوب عالية، للغناء وأداء أدوار يقلدون فيها عارضات ونجمات.

يقول إلياس “أريد أن تصبح ميلاني مشهورة، أريد أن تصبح حديث كل الناس”.

ويتنامى في العاصمة اللبنانية بيروت هذا النوع من العروض، على الرغم من أن المثلية الجنسية مازالت، عمليا، غير قانونية.

وميلاني كوكس، ليست الشخصية الوحيدة التي يتم تمثيلها على المسرح الليلة. وقبل ثلاث سنوات لم يكن استعراض كهذا موجودا تقريبا، بحسب إيفيتا كيدافرا، ذي الأصول الأرمينية الفلسطينية، وهو أحد ممثلي هذا النوع من العروض وأحد الحكام في منافسة الليلة.

إيفيتا، الذي فضّل الحديث باسمه على خشبة المسرح لحماية هويته، كان من أوائل المشاركين الرجال في هذه العروض بالنوادي الليلية في بيروت قبل ثلاث سنوات.

ويقول إيفيتا “لم يكن أحد يمتلك الجرأة حينها على تقديم مثل هذا الاستعراض”. ويتذكر أول عرض له، والذي سرعان ما تحول إلى عرض منتظم في حانات بيروت المخصصة لمثليي الجنس.

ومنذ ذلك الحين، تصدرت هذا النوع من الاستعراضات اهتمام المجتمع المثلي في بيروت.

ويقول إيفيتا، إن هناك سببان لهذا التطور، أحدهما هو أنه أصبح من الأسهل أن يكون المرء مثليا في لبنان خلال العامين الماضيين.

وعلى الرغم من أن المادة 534 من قانون العقوبات اللبناني تنص على أن جميع العلاقات الجنسية التي “تتعارض مع قوانين الطبيعة” يعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى عام، إلا أنه في السنوات الأخيرة، حكم العديد من القضاة بأن كون الشخص مثليا لا يعني أنه ينتهك المادة 534.

وخلافا لغيره من البلدان العربية في الشرق الأوسط، فإن لبنان يقترب من إلغاء تجريم السلوك المثلي تماما. ويرجع الفضل في ذلك، إلى حد كبير، إلى الضغط المتزايد من قبل النشطاء اللبنانيين الذين يناضلون من أجل حقوق المثليين ومتحولي ومزدوجي الجنس.

أما السبب الثاني، وفقا لإيفيتا، فهو ثقافة موسيقى البوب الغربية وتأثيرها الكبير على جيل الشباب الذي نشأ في بيروت بعد الحرب الأهلية.

ويقول إيفيتا “عندما كنا أطفالا، كان الكثير منا يشاهد المسلسلات الأمريكية فقط، وحين كنا نرى أن الثقافة الغربية تتقبل لا بل وتتبنى الشخصيات المثلية على شاشة التلفزيون، بدأنا نفعل ذات الشيء”.

يرتدي إلياس فستانا أسود حريريا طويلا ويسير على الممشى، بينما يمشي صديقه مروان خلفه على بعد خطوتين ليضمن ألا يدوس أحد على فستان صديقه عن غير قصد.

تقول فاليري والدة إلياس التي تحضر عرض ابنها “كنت أنا من أخذه لحضور أول حفل من هذا النوع في تركيا. كان عمره حينها 14 عاما. كنت أعرف بصورة ما حقيقة ميوله”.

لكن فاليري، المتصالحة اليوم مع ميول ابنها، لم تكن على هذا القدر من الدعم والتقبل دائما، فحين أطلعها إلياس على حقيقة ميوله المثلية حين كان عمره 19 عاما، طردته من المنزل.

وتقول فاليري “لم أستطع النوم تلك الليلة، وبدأت أتساءل، ماذا سيكون موقف جيراني؟ وما الذي سيقوله الناس؟ وفي الساعة السادسة من صباح اليوم التالي أيقظت زوجي وقلت له: لقد حلت مصيبة كبيرة بنا، ابننا مات، ابننا مات”.

وأُرسل إلياس إلى بيت جده لفترة قبل السماح له بالعودة إلى بيته مجددا. وبدأ أقارب فاليري يعطونها النصائح في كيفية علاج ابنها، كما لامها بعضهم لتأثيرها على ميول إلياس.

لكن في نهاية المطاف، قطعت فاليري علاقتها ببعض أفراد أسرتها وأقاربها، واختارت الوقوف بجانب ابنها.

يقول إيفيتا كيدافرا إن الأمور تتطور في بيروت، وأن مثل هذا العرض سيصبح بالتأكيد أمرا مقبولا.

ويضيف “بيروت مدينة صغيرة جداً في بلد صغير جداً، ونحن مجموعة صغيرة جداً من الناس. بالتالي كنت أعرف كل رواد حانات مثليي الجنس. لكن الآن ظهر كل هؤلاء فجأة، وأنا لا أعرفهم. أعتقد أنه مع استمرار مثليي الجنس بالظهور علنا في المجتمع، سيتطور المشهد ويكبر”.