- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

إسلاموفوبيا بوتين

نجاة شرف الدين

على بعد نحو شهر من الانتخابات الرئاسية الروسية في ٤ آذار المقبل، والتي من المتوقع ان تأتي بالرئيس السابق، رئيس الوزراء الحالي، فلاديمير بوتين، الى سدة الحكم، كثرت في الأسابيع الماضية التحاليل والمقالات في الصحافة العربية والغربية حول موقف روسيا الداعم لسوريا في مواجهة الاحتجاجات والتظاهرات والاحداث المستمرة منذ احد عشر شهراً، ولا سيما عشية التصويت على قرار مجلس الامن ضد سوريا والذي رفضته كل من الصين وروسيا فنال فيتو مزدوج صيني روسي هو الثاني بعد الفيتو السابق في ٥ تشرين الاول الماضي.
المقالات الصحافية انقسمت، فمنها من اعتبر ان الموقف الروسي نابع من مصالح سياسية وعسكرية استراتيجية تتعلق بموقع روسيا في المنطقة والتي تحظى بقاعدة عسكرية في طرطوس، اضافة الى الاسلحة الروسية التي تستخدمها سوريا ودخولها من خلال هذا الوجود على ساحة المنطقة، لتكون لاعباً أساسياً في المعادلات الجديدة التي ترسم اليوم.
وفي المقابل، تذهب بعض التحاليل الى اعتبار ان روسيا «تبيع وتشتري»، وهي تفاوض اليوم في هذا البازار المفتوح من اجل رفع السعر لتقبضه في مكان اخر، وربما يكون  الثمن في مناطق اخرى او ملفات مفتوحة مع الولايات المتحدة وأوروبا وليس آخرها الدرع الصاروخية في تركيا، والتي تعتبر روسيا انها موجهة ضدها.
وبين هاتين النظريتين تجربة روسيا السابقة في مجلس الامن مع ليبيا، بعدما وافقت مكرهة على القرار وخرجت من المعادلة بعد الإطاحة بالنظام، وهو ما عبر عنه رئيس شركة «روس أوبورن اكسبورت»، اناتولي ايسايكين، الذي قال «ان خسائر الشركة الناجمة عن فرض الحظر على تصدير الاسلحة الى ليبيا بلغت ٤ مليارات دولار».
وعلى الرغم من اهمية وواقعية هذه الأسباب جميعها في تحليل الموقف الروسي الذي لم يتغير تجاه سوريا منذ اكثر من عشرة اشهر، الا ان هناك من بدأ يتحدث عن بُعد اخر لم يتم التطرق اليه سوى عرضاً، وهو التذكير بموقف بوتين منذ حوالى العام، وتحديداً في ٢٤ شباط من العام الماضي ومن بروكسل بعد لقائه رئيس المفوضية الاوروبية، عندما اعلن «انه قلق من احتمال زيادة نفوذ الإسلاميين في شمال افريقيا وتأثير ذلك على الوضع في القوقاز». هذا الموقف والذي تعزز اليوم مع دخول الإسلاميين الى البرلمانات العربية في كل من مصر وتونس، وربما لاحقا في سوريا، عاد ليقض مضاجع بوتين، الذي يعيش في هذه المرحلة قبيل الانتخابات، على وقع تظاهرات معارضة واحتجاجات انطلقت في مدن روسية، وهي تنبئ بربيع ما، ينتظر الفرصة ليزهر، والذي ترافق مع دعوة زعيم المتمردين الإسلاميين، دوكو عمروف، الذي تقاتل مجموعته القوات الروسية في منطقة القوقاز، اتباعه الى الكف عن استهداف المدنيين في روسيا بعد الاحتجاجات التي شهدتها مدن روسية ضد بوتين، الذي لم ينته من قضية الشيشان بعد، ولا من بعض  الدعوات الاسلامية الانفصالية التي يمكن ان يعززها الربيع العربي.
مرحلة تبادل الأدوار كما اصبح متعارفا عليها في الصحافة بين بوتين ومدفيديف لن تكون سهلة كما يرى العديد من المراقبين، خاصة اذا أضيف اليها هاجس الاسلاموفوبيا، الذي ربما يحول ربيع بوتين الانتخابي الى خريف ساخن وصاخب.