- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

أشباه البشر!

فادي أبو سعدى
تحدثت قبل ذلك مراراً عن ضرورة “الاستثمار في البشر” لكن الفكرة ورغم قبولها من العامة، لا يبدو أنها تلقى آذاناً صاغية من الحكام والزعماء أصحاب القرار في بلادنا وخارجها، ولا يبدو بأنهم يكترثون لمدى أهمية البشر، والاستثمار فيهم، رغم أن البشر هم أغلى ما وجد على الأرض، والاستثمار فيهم من أهم الاستثمارات على الإطلاق.
لا تزال قلوبنا دامية من إضراب الأسير الشيخ خضر عدنان عن الطعام، منذ أكثر من خمسين يوماً، انتصاراً لكرامته أولاً التي هي بكل تأكيد أغلى من الطعام، وانتصاراً لحريته وحرية إخوانه من المعتقلين في سجون الاحتلال ثانياً، بينما نحن نخجل الخروج إلى الشارع والاعتصام تضامناً معه، وانتصاراً لقضيته التي هي قضية الآلاف من أبناء شعبنا.
قلوبنا الدامية، هي ذاتها التي بكت ألماً وحزناً على شهداء “الألتراس” من مشجعي نادي الأهلي المصري في “مجزرة بورسعيد” فماذا فعلنا؟ أو ماذا فعل العرب مجتمعين؟ الإجابة لا شيء لأننا على ما يبدو نسينا أننا بشر، بينما هناك في برشلونة وإيطاليا، نكّسوا الأعلام، ووقفوا دقيقة حداد رافعين العلم المصري، احتراماً للبشرية، والبشر من المصريين العرب الذين خسروا حياتهم في مباراة لكرة القدم!
نفس المشاعر حينما استيقظنا على وقع مجزرة حمص، الحديثة منها والقديمة، واستمرار حمام الدم في سوريا، لكننا لم نحرك ساكناً، حتى وإن شتمنا هذا الحاكم أو ذاك، وحتى لو لعنا قدر هؤلاء البشر، الذين فضل حاكمهم التضحية بالشعب للحفاظ على السلطة، كما كتب أحد رسامي الكاريكاتير حول وضع سوريا.

الأكيد أننا بتنا “أشباه بشر” رغم أن من وهبنا البشرية هو رب العالمين، لكنها سلبت منا قسراً من الحكام الديكتاتوريين في وطننا العربي، وحتى الديكتاتوريات الغربية منها، لقد فقدنا الإحساس من شدة الألم، وتوقفنا عن الكلام بعد فقدان الأمل، حتى في ظل الربيع العربي الذي يحاول إعادة القليل من البشرية للبشر، إلا أن نهاية النفق لا زالت مظلمة، والطريق طويل جداً.
لست أملك الكثير من الكلام حول الأمر، وطالما أن الغالبية ليست بشراً، فمن سيسمع؟ ومن سيكترث؟ حتى أن المهاتما غاندي قال سابقاً “كثيرون حول السلطة وقليلون حول الوطن”، وأسمح لنفسي بأن أضيف عليها “وأقل منهم حول البشر”… والعبرة لمن يعتبر.