- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ميقاتي في فرنسا: زيارة سياسيّة بأبعاد اقتصاديّة وأمنيّة

باريس ــ بسّام الطيارة
لن تكف الصحف ووسائل الإعلام الفرنسية واللبنانية عن ترديد مقولة إن زيارة رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، إلى باريس هي «سياسية بالدرجة الأولى». سياسية طبعاً إذ كيف يمكن وصف «زيارة رسمية» لرئيس وزراء، فهي ليست «سياحية»، فقد انتظرها الجميع منذ تم تكليف الرئيس نجيب ميقاتي. لا يمكن إنكار الموقف «البارد» الذي استقبل تعيين ميقاتي في الإليزيه والكي دورسيه والذي أقل ما يمكن قوله إنه كان مخالفاً للعرف المتبع بين فرنسا ولبنان، بانتظار ما سوف يفعله ميقاتي. وهي مواقف كان «يشحنها» الرئيس سعد الحريري المرابط في باريس حسب أكثر من مصدر.
بالطبع كان الاهتمام يتوجه لمسألة تمويل المحكمة الدولية. وقد فهم القاصي قبل الداني بأن تمرير تمويل المحكمة بالشكل الذي تم، أصاب فيه نجيب ميقاتي أكثر عصفور بحجر واحد: فهو راضى الجسم الانتخابي السني، ورد على كل المشككين بما سبق، وقاله إنه سوف يفي كل تعهدات لبنان الدولية، ولكنه ربح أيضاً «دعوة إلى فرنسا». وهنا لا مجال لحفظ ماء الوجه فرسالة الدعوة في ٢ كانون الاول/ ديسمبر كانت واضحة في صراحتها من حيث رسم خريطة طريق لما يمكن أن يحمله برنامج الزيارة، من نقاط تتجاوز «المنتظر» على جدول أعمال رئيس وزراء لبناني يزور باريس.
مصادر مقربة من الزيارة قالت لـ «أخبار بووم» إن الفرنسيين سوف يستعرضون مع ميقاتي «الوضع العام في لبنان والجوار القريب» بشكل عام، وبالتأكيد سوف يتدارس «البعد الاقتصادي» لعلاقات اللبنانية الفرنسية وبالتحديد مراجعة مقررات «باريس ٣». وحسب هذه المصادر سوف يكون ملف الكهرباء حاضراً عبر إصلاح هذا القطاع ودعم فرنسا للإصلاحات الهيكلية الضرورية، وكذلك النظر في المساعدات الفرنسية عبر الوكالة الفرنسية للتنمية. وعلم «أخبار بووم» أن الحديث يدور حول «٣٠ مليون يورو» مساعدات من دون تحديد ما إذا كان ذلك بشكل منحة أم قروض. أما بالنسبة لجدولة الديون البالغة اليوم ٣٧٥ مليون يورو، فإن تقديرات متقاطعة لبنانياً وفرنسياً تفيد بأنه «سوف لن يتم التطرق لها لأسباب تتعلق بالوضع المالي لفرنسا». الشؤون الاقتصادية سوف تكون على طاولة رئيس الوزراء فرنسوا فييون، الذي يلتقيه ميقاتي الساعة السادسة من يوم الجمعة، بعد أن يكون قد التقى الساعة الرابعة رئيس مجلس الشيوخ جان بيار بيل، والرئيس نيكولا ساركوزي الساعة الخامسة.
بالطبع إن الساعة المخصصة للقاء مع ساركوزي قصيرة إلا أنها سوف تسمح بالتطرق لوضع اليونيفيل ومسألة «خفض عديد الكتيبة الفرنسية». إذ تؤكد المصادر أن «قرار خفض العدد من ١٣٠٠ إلى ٩٥٠ موجود»، إلا أن التوقيت ما زال معلقاً. وبالطبع خفض القوات الفرنسية ينتظر حسب مصادر فرنسية «زيادة قدرة الجيش اللبناني وبسط سيادته» على الجنوب. وتقول المصادر إن تخفيض العدد هو لـ«زيادة فعالية قوة التدخل الفرنسية»، إلا أن الواقع هو حسب خبير بالشأن العسكري محاولة لتكثيف وجودها وخفض «نسب تعرضها في حال ارتفعت حرارة الوضع». مسألة المحكمة لن تكون على الطاولة «فهي سوف يجدد لها من دون أي تدخل من قبل السلطات اللبنانية» حسب مصدر فرنسي.
سوف تدخل المشاورات مع ساركوزي عبر الزاوية السورية. إذ تؤكد مصادر متقاطعة أن «الفرنسيين يطلبون إلتزام المصارف اللبنانية بالعقوبات على الاقتصاد السوري»، وقد يفسر هذا حضور حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. المطلوب حسب المصادر «أكثر فعالية في تطبيق العقوبات لضمان فعالية أكبر للعقوبات». ومن هنا فإن مسألة «النأي عن النفس» سوف تكون على الطاولة، وقد يكون هذا «مدخل فرنسي على الأزمة الحكومية»، رغم أن باريس تقول إنها مرتاحة لـ«ممارسة الرئيس ميقاتي وأنهم يشاطرون سعيه للحفاظ على الأمن والاستقرار» وتدرك «التحديات التي يواجهها من جانب كافة الأطراف». ويقدرن كيف يتعامل معها بحكمة ودراية وكيف «يتصدى للضغوط بكثير من الشجاعة السياسية». وقد تكون هذه المدائح نوع من الإجابة على تساؤلات مقربين من سعد الحريري حول سبب تعجيل الزيارة قبل تمرير مسألة التمديد للمحكمة. إلا أن الإجابة تكمن في تفسير مقولة «الزيارة سياسية محضة»، إذ أن «نافذة فرصة الزيارة» لن تتكرر، ففرنسا مقبلة على مرحلة انتخابات رئاسية ولم يكن ممكن لساركوزي أن يخوض انتخابات غير مضمونة النتائج ويسجل عليه أنه لم يستقبل رئيس وزراء لبنان.