- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

روحاني ينتظر رنين الهاتف ؟

نجاة شرف الدين

لعل الكثير من المراقبين يذكرون جيدا ، ذاك الاتصال الهاتفي في خريف العام 2013 ، والذي تجاوز فيه الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما أربعة وثلاثين عاما من القطيعة ، وتحادث للمرة الاولى مع الرئيس الايراني حسن روحاني .صحيح ان الاتصال الذي أحدث عاصفة إعلامية حينذاك ومواقف سياسية متباينة كان الاول بين الرجلين ، الا ان عمليات التفاوض الأمني والتقني بين البلدين كانت سبقتهم الى العاصمة العُمانية مسقط ، والتي أسست فيما بعد للتفاوض بين ايران والدول الست لما سمي لاحقا بالاتفاق النووي الايراني .

بالطبع العلاقة الأوبامية الروحانية لها ظروفها وسياساتها ولا يمكن مقاربتها بما تمر به العلاقة اليوم بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب والرئيس روحاني ، الذي انتهج سياسة مختلفة تماما عما قام به اوباما ، حيث أعاد العقوبات وألغى الاتفاق من جانب واشنطن وطالبها بعدم التدخل في المنطقة وزعزعة الاستقرار .
الموقف الترامبي تجاه ايران كان واضحا منذ دخوله البيت الابيض واعتباره الاتفاق النووي الأسوأ في تاريخ الاتفاقات ، الا ان اللافت كان اللهجة الخطابية الجديدة للرئيس روحاني والمعروف بدعواته للحوار مع العالم ، والتي تلتقي مع خطاب المرشد الاعلى علي خامنئي ، لا سيما التصعيد والتهديد عندما توجه للرئيس الاميركي “بأنه يعرض نفسه وبلاده للخطر حين يتكلم عن تصعيد في مواجهة ايران ” ملوحا بأن “الحرب مع إيران ستكون أم الحروب “ومحذرا من “اللعب بالنار ” . هذا الكلام الذي حظي بتأييد في الشارع الايراني ولدى الحرس الثوري وقائد فيلق القدس قاسم سليماني ، رد عليه ترامب بتغريدة بأحرف كبيرة ، تُذكر بالتهديدات التي كان أطلقها بمواجهة رئيس كوريا الشمالية ، ومتوجها للرئيس روحاني بالقول ” لا تُهدد أبدا الولايات المتحدة مرة أخرى وإلا ستتكبد عواقب لم يشهد مثيلها سوى قلة عبر التاريخ ، نحن لم نعد البلد الذي سيقف امام كلماتك التي تتوعد بالعنف والموت ، كن حذراً ” . كلام ترامب لم يكن وحده على هذا المستوى بل تزامن مع كلام وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الذي وجهه الى الشعب الايراني داعما الأصوات الايرانية المناهضة للنظام ووجه انتقادات الى النظام الايراني ووصفه بأنه كابوس على الشعب الذي يواصل الاحتجاجات والتظاهرات .
هذا التصعيد العالي اللهجة بين الجانبين ، والذي انشغل الاعلام في تحليله وقراءته لمعرفة أبعاده ، استطاع أيضا إبعاد الاهتمام بنتائج قمة هلسنكي بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس ترامب ، والتي لا تزال تبعاتها تتوالى من اعلان الكرملين ان جون بولتون قدم بعد ايام من القمة اقتراحا بعقد لقاء آخر بين بوتين وترامب في واشنطن نهاية السنة ، الى الترجمة العملية للاتفاق في الملف السوري والنقطة الأساس فيه الحفاظ على أمن اسرائيل وإبعاد ايران عن الحدود الجنوبية ، اي منطقة الجولان وصولا الى مطالبة موسكو بتعاون عسكري بين البلدين .
الرئيس ترامب ومنذ بداية ولايته ، التي لم يهدأ ضجيجها في الاعلام ، معروف بتصعيد لهجته الاعلامية ، وهو يتراجع عندما تدعو المصلحة الاقتصادية والمالية والسياسية للولايات المتحدة ، التي يسميها مصلحة اميركا اولا ، فهل يخف هذا التصعيد مع ايران ، والذي مهما علت لهجته لن يصل الى حرب مباشرة بالنظر لمصالح البلدين ، قناة تواصل غير معلنة ، كما حصل سابقا في احدى العواصم ، للبحث في تحجيم دور ايران في المنطقة ، او تنسيق وتشذيب هذا الدور ليتناسب والسقف الذي تم الاتفاق عليه في هلسنكي ، وهل نتوقع أن يرن هاتف الرئيس روحاني مجددا ، ويكون المتصل الرئيس ترامب ، ولو بعد حين ….