- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

العين على تركيا ..والمعركة في أدلب

نجاة شرف الدين
لن يُحدث قرار الرئيس التركي رجب طيب اردوغان منع الإلكترونيات الاميركية اي تحول بالنسبة لليرة التركية ولن يكون لذلك اي تداعيات مباشرة ، كما لم يستطع ان يفعل ذلك ايضا ، عند دعوته الشعب التركي لبيع الذهب والعملات الأجنبية وتحويلها لليرة التركية دعما للعملة الوطنية .
منذ فرض الرئيس الاميركي دونالد ترامب إجراءات بمضاعفة التعرفة الجمركية على المعادن والألمنيوم وعقوبات بحق وزيرين في الحكومة ، بدأت تركيا تعيش اجواء القلق والاضطراب في الاسواق المالية والاقتصادية العالمية ، وتراجعت ثقة المستثمرين وتدهورت الليرة التركيَّة بنسبة وصلت الى أربعين بالمئة ، وَمِمَّا زاد من تفاقم الازمة دخول اردوغان شخصيا على خط المعالجة المالية عبر منع حاكم البنك المركزي التركي من رفع معدلات الفوائد كتدبير لوقف تدهور الليرة واخذ على عاتقه إدارة الملف المالي والى جانبه صهره وزير المالية .
وعلى الرغم من وقوف المعارضة الى جانب اردوغان في مواجهة الهجمة الاميركية ، الا ان هناك العديد من الانتقادات التي تلقاها اردوغان في إصراره على إدارة هذه الازمة وأبرزها من خبراء ماليين واقتصاديين لا سيما لما ستواجهه تركيا في ظل الاستحقاقات الضخمة بالعملات الأجنبية في العام 2018 والتي تصل الى 230 مليار دولار .
في أي حال ، صحيح ان البُعد المالي والاقتصادي هو الذي برز الى الواجهة كنتيجة أولية لتوتر العلاقة الاميركية التركية ، الا ان الُبعد السياسي يبقى الأساس ، فالتوتر الذي جاء على خلفية احتجاز القس الاميركي أندرو برونسون ، هو القشة التي أطاحت التراكمات منذ الانقلاب الذي حصل في صيف العام 2016 والذي اتهمت به تركيا عبد الله غولن وطالبت الولايات المتحدة بتسليمه ولم يتم الاستجابة لهذا الطلب ، واستمر التوتر على خلفية الملف السوري مع دعم واشنطن لقوات سوريا الديمقراطية وموقف تركيا من الاكراد اضافة الى التقارب مع ايران ورفض تطبيق العقوبات عليها والتقارب مع روسيا وصفقة صواريخ اس 400 .
التوتر الاميركي التركي بلغ مرحلة عالية من التصعيد في اللهجة ، واتهم أردوغان واشنطن بطعن بلاده في الظهر ملوحا بالبحث عن حلفاء جدد . كلام اردوغان هذا ، ولو انه يعبر ربما عن رغبة اردوغانية سياسية ولديه ورقة قاعدة انجرليك التي لا يستطيع بسهولة استخدامها في هذه المعركة ، الا انه ليس سهل التطبيق واقعيا اقتصاديا وماليا ، فاقتصاد دول البريكس لا يزال ضعيفا بسبب نسبة العمليات المالية في العالم بالدولار التي لا تزال تشكل 62 بالمئة والنظام المالي العالمي يعتمد على السويفت وهو تحت سيطرة الولايات المتحدة الاميركية والمواد الاولية في العالم ايضا يتم تسعيرها بالدولار اضافة الى ان البنوك الاساسية في العالم هي اميركية .
في المقابل الرئيس ترامب الذي يقود حروب العملات مع الصين والاتحاد الأوروبي وايران وتركيا وروسيا ربما تؤدي مع الوقت الى أضعاف هيمنة ودور الدولار عالميا وتدفع الدول الاخرى الى البدء بالتفكير جديا بنظام مالي آخر ، ولكن ذلك ، يحتاج الى اتفاقات كبرى بين هذه الدول والى مرحلة ليست بالقصيرة .

الازمة الاميركية التركية بلغت ذروتها ، وسيعود خط المفاوضات بين البلدين ، في وقت ليس بالبعيد ، للبحث عن المخارج . وفي ظل هذا الضجيج ، بدأت تبرز الى الواجهة طلائع معركة كانت تنتظر الظروف لتمريرها ، فهل يكون هذا الظرف التركي مناسبا روسيا لتمرير معركة أدلب في سوريا مع اعلان احد الجنرالات الروس عن اقتراب الموعد ؟ وهل تكون أدلب احد ابرز النتائج لهذه الازمة ؟