- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

نشاط فيسبوكي: كل عربي حر بأن يكتب ما يريد وكما يحلو له …

نقطة على السطر

بسّام الطيارة

يمر لبنان بأزمة والحديث عن الأزمة يدل بحد ذاته على «أزمة لدى الكاتب» …كل كاتب صحفي أو صاحب مقالة أو رأي…

يمر العالم العربي بحالة وهن وانحطاط لا مثيل لها منذ ٧٦٠ سنة أي منذ اكتسح المغول بغداد عام ١٢٥٨، والحديث عن وهن العالم العربي يدل بحد ذاته على وهن لدى الكاتب..،

نلتفت إذا إلى مواقع التواصل الاجتماعية… التي هي مرآة هذا الوهن الظاهر في المجتمعات العربية والمنعكس على شريط تبادل الرسائل والشتائم وتوزيع النصائح والنكات والفيديوهات ( المركبة أو العفوية) … هذا النشاط الفيسبوكي أو الأنستغرامي أو ما شابه هو نوه من التنفيس عن الكرب في الحالة العربية. وهو حسب أطباء نفسيين متفقين على التشخيص: ضرورة (جاءت في وقتها) لمنع انفجار (وانتحار؟) ٩٩ في المئة من الشعوب العربية! (تفاؤل لا بعده تفاؤل!!).

ولكن نظرة وإن كانت سريعة على شريط التواصل نرى أن المشاركين في الكتابة والتعابير (والمشاركين في دعم دسم أرباح عمالقة الشركات) يمكن تقسيمهم إلى ٤ مجموعات:

١- المنفسون عن كرب المجتمعات العربية إما بواسطة فيديوات مضحكة ومسلية أو بأخبار غريبة يعتقدون أن الآخرين فاتهم مشاهدتها، أو بالعودة إلى ذكريات مشتركة والبكاء على أطلال سعادتهم المتلاشية (عبد الحليم حافظ وليلى مراد واسماعيل ياسين …أو جمال عبد الناصر وحسب الأقاليم العربية : صدام حسين أو هواري بومدين … أو الملك حسين … وللمستغربين جون كندي أو غريتا غاربو أو مارلين مونرو … ومدّعو العلم فينشرون وصفات ومعادلات إينشتاين أو سيرة حياة نوبل…إلخ…).

٢- المنتقدون «دائما وأبداً» الذين يعتقدون أن كلماتهم على مواقع التواصل ستصل إلى أهدافها رغم أن عدد اللايكت والقلوب الزهرية لا يتجاوز عددها بضع عشرات (في أفضل حال) ومعظمهم بشكل «رد جميل على لايك سابق» (وتبادل واجبات).

٣- المشاركون أصدقائهم برحلاتهم وترحالهم ولذائذ أطعمتهم وفنادقهم وعمق البيسين في حديقتهم والخطوات الأولى لأولادهم (وأحفادهم)… وأزهار البلكون…

٤ـ التثقيفون وهم الأكثر «منفعة»، يخرجون من ذاكرتهم قطع أدبية وأشعار أو نبذات تاريخية مفيدة للقارئ أو قطع وصفية تفتح آفاق قراءها علي عوالم جديدة وتشركهم في استشفاف الجديد.

هذه المجموعات ضرورية وهي أساس حرية التعبير بمفهومها الأصيل : كل شخص حر بأن يكتب ما يريد وكما يحلو له …

رغم هذا، توجد مجموعة من «التغريدات» (حتى خارج تويتر بات استعمال كلمة تغريدة مشاع) نجدها في المجموعات الأربع وهي تثير الانتباه لأنها تحمل تناقضات لمن يتابع كتابها،

كتاب هؤلاء يتنقلون بين المجموعات الثلاث الأولى (ولماما في المجموعة الرابعة) ولكن التناقض يكمن (خصوصا لمن يعرفهم) في معاني ما يرسلونه عى شبكات التواصل. وفي غالب الأحيان يكون هؤلاء متطلعون للعب «دور في المجتمع القريب» (إما اجتماعي انتخابي أو سياسي طليعي أو مرجع رأي). ولكن يغيب عن تفكير هؤلاء ضرورة التناسق في المواقف لأن نشر تغريدات تصب في المجموعة الأولى تعقبها تغريدة في المجموعة الثانية ثم الثالثة (ولماما في المجموعة الرابعة)، لا يفيد في تثبيت «صورة تواصلية» لهؤلاء (حسب رغباتهم الظاهرة والبادية … والنمعلنة).

مثال يمكن أن يختصر هذا النقد رغم تثبيت مقولة « كل شخص حر بأن يكتب ما يريد وكما يحلو له …»:

يتطلع أحدهم (إحداهم) للعب دور سياسي (أو طليعي إعلامي) في مجتمع محافظ (نوعاً ما) فينشر يومياً مجموعة بوستات يمكن تصنيفها في المجموعة الثانية (نقد وانتقاد تكون في مجمل الأوقات محقة أو تكون مقبولة من فريق سياسي يسعى المنتقد لكسب تأييده). ثم يقفز بعد يوم أو يومين (عادة يوم الأحد أو الاثنين) فينشر بوستات يمكن تصنيفها في المجموعة الثالثة (صور حول البيسين أو رحلات تريكينغ أو صور له وللعائلة في روما أو على البحر أو في مناظق التزلج) وفي ذلك خروج عما ينتظره «جمهوره» الذي يسعى لجلبه إلى حلبة تأييده. في الواقع هذا «التذبذب» ينفر الذين يسعي للم شملهم باستعمال مواقع التواصل الاجتماعي،

ولكن كما ذكرنا « كل شخص حر بأن يكتب ما يريد وكما يحلو له …»