- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

هل دقت ساعة الطائف …؟

نجاة شرف الدين

في احدى تغريداته المثيرة للجدل في شهر نوفمبر الماضي ، كتب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مستحضرا العميد ريمون إده ” ان الطائف قد انتهى ” وأضاف أتساءل ما هو معنى حكومة الوحدة الوطنية .هذا الكلام الذي أعلن موت الطائف نتيجة مجموعة من العوامل تبدأ من عدم تطبيقه ولا تنتهي عند فرض أعراف جديدة وليس آخرها أزمة تشكيل الحكومة .
الحديث عن التعديلات الدستورية او الدعوة الى مؤتمر تأسيسي جديد ، يعلو عند كل أزمة رئاسية ام حكومية ام نيابية ، وقد تعرض لبنان في تاريخه الحديث منذ العام 2005 بعد اغتيال الشهيد رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان ( احد الدول الراعية للطائف او لعدم تطبيقه ) لعدة أزمات كانت تنتهي في كل مرة عند تسوية يتم فيها تجاوز الدستور وخلق أعراف جديدة ، فبعد اتفاق الدوحة في العام 2009 تم تكريس الثلث الضامن او المعطل ، وكانت أولى الخطوات العملية لتكريس فيتو طائفي داخل مجلس الوزراء بعد ان كانت الشيعية السياسية قد فشلت في تكريسه بعد استقالة الوزراء الشيعة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2006 ولم يؤد ذلك حينها لفرط الحكومة ، ولم تستطع استخدام انتصارها على اسرائيل داخليا .
وتوالت الأزمات ، ولم يتم ترجمة القوة التي كرسها حزب الله لنفسه بعد الحرب في سوريا ، وكانت ازمة رئاسة الجمهورية التي ابقت البلاد في فراغ لمدة سنتين ونصف وتم التمديد للمجلس النيابي مرتين متتاليتين .وفي تشرين الاول من العام 2016 تم انتخاب الرئيس ميشال عون رئيسا للجمهورية ووضع ذلك في خانة الانتصار لحزب الله رغم ترشيحه من قبل الرئيس سعد الحريري وقبول ذلك من رئيس حزب القوات اللبنانية بعد اتفاق معراب .

وعند كل استحقاق يعود السؤال ليطرح مجددا ، كيف يمكن ترجمة قوة حزب الله سياسيا ، لا سيما ان الرئيس نبيه بري كان واضحا في كلامه عند الازمة الحكومية الاخيرة عندما قال ان حصة الشيعة تتجاوز الوزراء الستة اضافة الى إشارة السيد حسن نصر الله حول التواضع .
الازمة الحكومية التي دخلت شهرها الثامن يبدو انها مرشحة للتمديد ، كما يبدو ان الكلام عاد يعلو حول خلق الأعراف الجديدة والخوف على الطائف والمس بالصلاحيات الدستورية لرئيس مجلس الوزراء الذي قال ردا على من يريد تغيير الطائف ” انا اقول اليوم إن اي دستور نضعه اليوم في لبنان او في اي بلد، في ظل وجود تصرفات من قبل البعض تخرق الدستور والقانون، لن يكون صالحا، فالمهم هو احترام الدستور وليس المنافسة على خرقه وخرق القوانين.ان آلية تشكيل الحكومة استنادا الى الدستور واضحة، وهي تنص على ان يقوم رئيس الحكومة المكلف بتشكيل الحكومة بالتفاهم مع فخامة رئيس الجمهورية ونقطة على السطر. هذا هو الدستور الذي وضعه من شاركوا في اتفاق الطائف بعد الحرب الاهلية الدامية التي عاشها اللبنانيون” .

هذا الكلام للرئيس الحريري تزامن ايضا مع تحذير من رئيس الجمهورية باستخدام حقه الدستوري في تقديم رسالة لمجلس النواب وهو ما عبر عنه مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية
والذي جاء فيه أنه في حال استمرار التعثر في تشكيل الحكومة فمن الطبيعي أن يضع رئيس الجمهورية الأمر في عهدة مجلس النواب ليبني على الشيء مقتضاه. وهو ما إستتبع ببيان من رؤساء الحكومات السابقين الذي رفضوا المس بصلاحيات رئاسة الحكومة .

هذه الازمة الحكومية ليست الاولى ولن تكون الاخيرة ، الا ان حدة الخطاب الداعي للبحث في الحلول الدستورية الجذرية عند كل مفترق وازمة ، وترجمة الاحجام للقوى السياسية دستوريا يوحي بأن خارطة الطريق للوصول الى التغيير لن تكون طويلة ، وهي تنتظر الظرف الاقليمي والدولي المساعد .
محليا تبدو القوى السياسية في معظمها ، متهيأة ومتهيبة في الوقت نفسه من اي تغيير ، فالتيار
الوطني الحر يهمه المناصفة وتعزيز صلاحيات رئيس الجمهورية فيما القوات اللبنانية تسعى لتعزيز حضورها المسيحي وتطالب باللامركزية الإدارية ، والثنائي الشيعي يعنيه ترجمة قوته سياسيا ومثالثة ، فيما المستقبل ينازع من اجل ابقاء صلاحيات رئاسة الحكومة التي تعرضت لاهتزاز ، اما جنبلاط الواقعي فهو كان اول من نعى الطائف فهل فعلا دقت الساعة ؟