- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

عوضاً عن التصادم على العرب تعلم «الاستراتيجيات الاستيعابية»

نقطة على السطر

بسام الطيارة

اجتمع وزراء خارجية ستة دول عربية (السعودية ومصر والإمارات والبحرين والكويت والأردن)على ضفاف البحر الأحمر بناء على دعوة الأردن بهدف صوغ سياسة عربية لمواجهة أزمات المنطقة والوقوف في وجه التدخلات الأجنبية والوجود عسكري على الأرض لدول «غير عربية» في عدد من الدول العربية مثل إيران، تركيا وروسيا والتحالف الغربي بقيادة أميركا.

أثبتت حرب اليمن عقم التدخل العسكري لمواجهة التمدد الإيراني في اليمن مثلاً، كما أن انسحاب الدعم الخليجي للمعارضة السورية أشار إلى حدود القدرة العربية للتأثير على مجريات الحرب الأهلية في سوريا. ويري بعض المراقبين أن دول الخليج نجحت في وقف «هجمة إيرانية في البحرين والكويت» في حين أنها فشلت في العراق وسوريا ولبنان.

ولكن «النجاح» في الخليج  كان على حساب حقوق الإنسان وتشويه صورة حكام البحرين والكويت في الخارج، وكذلك الأمر في المملكة العربية السعودية نتيجة أحداث عنف المنطقة الشرقية وتكبيل المعارضة بشتي الوسائل، ناهيك عن حصار قطر الذي يبدو اليوم مثل ضربة سيف في الماء أضرت حامل السيف واكتفت بتحريك المياه لفترة قصيرة جداً.

وقد أكد ملك الأردن عبدالله الثاني في لقاءه مع وزراء الخارجية علي« أهمية التنسيق المشترك حيال الأزمات والقضايا التي تواجه المنطقة بما يعزز العمل العربي المشترك ويخدم مصالح الدول العربية وشعوبها».

في هذا التأكيد نجد «العوامل الألسنية» التي تبرز لب أخطاء السياسة العربية التي أوصلت المنطقة العربية إلى ما هي عليه الآن:

١) /التنسيق المشترك/ يعني المشتركين في الاجتماع أي الوزراء الستة أي زيادة في الانقسام العربي.

٢) /تعزيز العمل العربي المشترك/ في تناقض واضح مع العامل الألسني السابق المحصور بستة وزراء.

هي تكملة لسياسة أثبتت فشلها: الانقسام العربي لا يفيد أي استراتيجية عربية.

يتفق الاجميع على أن الهم الأكبر للمجتمعين هو ردع إيران وباب هذا التصدي والردع لا ريب فيه موجود في سوريا. الإمارات والبحرين والكويت «بدأت بالعودة إلى دمشق» بعد أن ثبت أن النظام لن ينهار بسبب الدعم الروسي والإيراني. ولكنها عودة فاترة من جهة وناقصة من جهة أخرى ويشوبها نقاط ضعف.

العودة إلى سوريا يجب أن تكون مبنية على استراتيجية استيعابية طويلة المدى ولكن في  الواقع أن الدول العربية المعنية تريد العودة بـ«شروط» وكأن النظام قد سقط. التركيز والإصرار على تطبيق قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ ، على أهمية القرار الأممي، لن يفتح ممراً لعودة تلك الدول العربية للتأثير على مستقبل سوريا بهدف ردع التواجد الإيراني فيها.

كذلك الاعتماد على التشدد الأميركي حيال طهران واندفاع دونالد ترامب لمحاصرة ايران بكافة الوسائل والعقوبات لا تفيد خصوصاً وأن حلفاء ترامب – وحلفاء الدول الستة المجتمعة- تسعى لاستيعاب إيران عن طريق محاولة الالتفاف على العقوبات الأميركية (الترامبية؟).

الاستراتيجية الأوروبية يمكن أن تتوافق مع محاولة استعادة الدور العربي في سوريا وفق استراتيجية بعيدة المدى وطويلة النفس مبنية علي «استيعاب أهل النظام» وجعل مسألة إعمار سوريا من صلب تعزيز العمل العربي المشترك لإبعاد إيران الضعيفة اليوم اقتصادياً بسبب العقوبات.

الاستراتيجية الاستيعابية لا تعني «سياسة عفا الله عما مضى» بل تعني أولا وأخيراً «نحن العرب لنا دور في بناء سوريا اقتصادياً» وهذا ليس دعماً للنظام بل دعم للشعب السوري، وهي سياسة يمكن أن تأتي بنتائج على المدى المتوسط أكثر من حمل تنفيذ قرارات أممية لم نعد في سياق وقائع اليوم صدرت في عز نزاع المجتمع الدولي مع النظام السورية والقوى الحليفة معه.

لبس الانقسام العربي ثوب غياب للدور العربي، حان وقت خلع هذا الثوب والعمل على استيعاب سوريا وشعبها وتجاوز مسألة التسليم الداخلي لاستمرار النظام الحالي ،الذي ارتكز على «الخوف من الإرهاب».

استراتيجية الاستيعاب يمكن أن تطبق على كافة القضايا المتأزمة في المنطقة (سوريا بالطبع ولكن أيضاً لبنان العراق والسودان وليبيا ودجيبوتي وخصوصاً المسألة) ولكي تنجح هذه الاستراتيجية يجب الابتعاد عن السياسات الاستفزازية بين المكونات العربية مثل التطبيع مع اسرائيل أو تعليق عضوية بعض الدول أو محاكاة سياسات دولية تجاه دولة شقيقة، وخصوصاً الابتعاد عن الالتصاق بسياسات القوى الكبرى وقد أثبتت الأيام أن مصالح تلك الدول تتقاطع لفترة مع مصالح الدول العربية قبل أن تبتعد لتلحق بمصالحها فقط والساحة السورية أفضل مثال على ذلك.