- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

… وما سيخسر اولادك إذا لم يتعلموا العربية…؟

د.سهيل الزين

كاد الغيظ أن يخرج كلاما عنيفا من لساني لولا لم افتح فمي مستنجدا بضبط النفس تجاه معلمة العربية التي كانت تقول لي… وما سيخسر اولادك إذا لم يتعلموا العربية في هذا الزمن الفرنسي الرديء؟ ثم حاولت أن أذهب الى معنى سؤالها الذي يتجاوز شخصية علاقتي باولادي ويذهب بعيدا الى ما ألت اليه اللغة العربية في بلد كان يعلمها لجيله الأول من المستعمرين والمأخوذين بسحر الشرق…تغيرت الأحوال وها أنا لا أستطيع حتى سماع أغاني الراب وما دخل من هجين العربية اليها وما يسميه ابني “فرانشيس ميوزك” متهكما على نفسه وعلى الفرنسيين وهو يرقص هما او ضجرا او تمردا…
وكيف يمكنني رتق ثياب الهويات الممزقة في زمن يعزف فيه الشباب حتى عن الاستماع إلى دروس ومحاضرات جافة وباردة يلقيها مدرسون منقطعون عما يحصل في طرف المدينة وفي شوارع ومقاهي أصبحت الفرنسية فيها اكثر هجانة من عربية رثة لا يبقى منها سوى بعض الكلمات المفروزة للطعام الحلال و بعض المتبلات ورائحة النعناع في تجمعات تعيش رمضانها كما يعيش الحي الصيني انكفاء اهله على حاجاتهم بصمت لا يشابه الضجة العربية الفارغة…واللغة هي صوت ولكنها أصبحت من الأصوات المفزعة يضاف اليها لحن قد ينسله ولد متمرد من صوت أمه وهي تحاول الحوض عن عائلتها بغياب الاب الذي لا يحسن العربية ولا الفرنسية…لغتنا التي تبخر منها ما كنا قد تعلمناه في بيوت تزجر من لحن بالقول لم تعد لغة للعصر القادم ويشعرها البعض كمن ينذر القوم بحلول الساعة التي تعيد لغات الأوروبيين القاتلة من المانيا الى إيطاليا وفرنسا …عندئذ تصبح اللغات خطرة بصوتها كما سفهت الأفلام الفرنسية والأمريكية اللغة الألمانية بعد الحرب الثانية…تقولين يا سيدتي المعلمة ماذا سيخسرون؟ سيخسرون حياتهم باسم هويات اسقطت عليهم وهم لا يعلمون ان لغتهم الام ولغة اباء الامس هي أيضا لغة المحبة والادب والرحمة سواء كانت وثنية ام دينية شرقية وما كنت يوما من أعداء اللغات وانما من الد أعداء بلبلة العقول والوساويس القادمة…