- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

بعد عملية فض دموية للتجمعات المجلس العسكري يلغي كافة الاتفاقات مع قوى التحرير

أعاد المجلس العسكري فجر الثلاثاء الرابع من حزيران/ يونيو، حراك السودان إلى نقطة الصفر، بإعلانه إلغاء كل الاتفاقات السابقة مع قوى الحرية والتغيير، وتشكيل حكومة لتسيير الأعمال، وتنظيم انتخابات في غضون تسعة أشهر، بإشراف دولي.

وجاءت خطوة المجلس العسكري الحاكم في السودان، بعد يوم واحد من عملية فض دموية، لاعتصام استمر لمدة شهرين، قبالة مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في العاصمة الخرطوم، وهي العملية التي أسفرت عن مقتل 35 سودانيا على أيدي قوات الأمن، ولقيت تنديدا من عدة دول في العالم.

وفي أول كلمة له بعد فض الاعتصام، اتهم عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي، قوى الحرية والتغيير التي تقود الحراك السوداني، ضد حكم المجلس العسكري، بأنها تسعى للانفراد بحكم السودان “لاستنساخ نظام شمولي آخر يُفرض فيه رأي واحد يفتقر للتوافق والتفويض الشعبي والرضا العام”. نافيا في الوقت نفسه أن تكون لدى المجلس العسكري رغبة في السلطة.

وأثار حديث البرهان وما أعلنه من قرارات، تمثل ردة عن التفاوض مع قوى الحرية والتغيير، العديد من التساؤلات حول ما إذا كان العسكريون في السودان جادين، فيما يتعلق بالتحول إلى حكم مدني ديمقراطي في البلاد، أم أنهم يتبعون تكتيكات تهدف في النهاية، إلى الاستمرار في حكم البلاد، أو دفع طرف موال لهم للحكم بحيث يحكمون من وراء ستار.

على الجانب الآخر لقي ما قاله البرهان رفضا فوريا، من قبل تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود الحراك السوداني منذ تفجره، وجاء في بيان للتجمع إن “تجدد الخطاب الانقلابي سيشعل أوار الثورة من جديد”. وإن “النظام القديم المتجدد يحاول رسم سيناريو مسرحية كذوب عبر شاشات التلفاز، ولكنه لا يعلم أنها مسرحية حُرقت فصولها واستبان عوارها قبل رفع الستار عنها، وما مخطط إعلان الانتخابات والتنصل عن الاتفاق مع قوى الحرية والتغيير وإعلان تشكيل حكومة إلا هزال بعضه فوق بعض”. مشيرا إلى أن “الإضراب السياسي متواصل والعصيان المدني الشامل مستمر حتى إسقاط النظام”.

وترفض قوى الحرية والتغيير في السودان فكرة التعجيل بالانتخابات، التي يصر عليها المجلس العسكري، وترى أنها يجب أن يعد لها بعناية، وعبر فترة انتقالية أطول من قبل حكومة مدنية، يكون رأس السلطة فيها للمدنيين، وهو ما رفضه المجلس العسكري، عبر المفاوضات التي جرت بينه وبين قوى إعلان الحرية والتغيير، والتي استمرت لأسابيع ووصلت إلى طريق مسدود.

ويرى مراقبون أن المجلس العسكري، ربما يسعى من خلال طرحه فكرة الانتخابات العاجلة، وقوله بأن تحالف قوى الحرية والتغيير لا يمثل كل السودانيين، إلى استمالة تيار سياسي قوي في السودان، هو تيار الإسلام السياسي، الذي ظل داعما قويا لحكم الرئيس المخلوع عمر حسن البشير، ويسعى الآن إلى العودة إلى الواجهة بشكل تدريجي، عبر استغلال الخلافات بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير وإظهار الانحياز للمجلس.

وكانت صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية قد أشارت في تقرير لها، إلى أن المجلس العسكري يعول سرا على الإسلاميين الذين كانوا إلى وقت قريب أهم داعمي البشير، وأشار التقرير إلى ما قام به التيار الإسلامي في مايو الماضي من المطالبة بتطبيق الشريعة الاسلامية في السودان واستبعاد الدولة العلمانية.

وكان ما يعرف بتيار (نصرة الشريعة والقانون)، قد رفض خلال اجتماع حاشد ومسيرة له في الخرطوم، في 15 أيار مايو الماضي، ما وصفه بتسليم البلاد لـ (قوى الحرية والتغيير) واصفا إياها باليسار، ومهددا بأن جميع الخيارات مفتوحة لمقاومة الاتفاق الذي تم بين المجلس العسكري الانتقالي، وقوى الحرية والتغيير ووصفه بالإقصائي، وقد طرح هذا الخطاب تساؤلات حول استغلال التيار الاسلامي للمرحلة، بينما ظل على مدى خمسة أشهر من الاحتجاجات ضد البشير، غير مشارك في المشهد السوداني، وأعلن حتى تأييده لتولى عسكري رئاسة المجلس السيادي، الذي كان مقترحا خلال المفاوضات.

وتعتبر قيادات من قوى الحرية والتغيير في السودان، أن ما طرحه المجلس العسكري من خطط بإجراء انتخابات، والحديث عن مشاركة كل التيارات السودانية، ربما يهدف إلى استغلال التيار الاسلامي ليكون ظهيرا له، لكنهم يشيرون إلى أن التجارب السابقة في المنطقة، تؤكد أن الحكم العسكري لا يؤمن بتحالفات طويلة، وأنه حتى وإن تحالف مع الاسلاميين فإنه قد ينقلب عليهم لاحقا.