باريس – خاص «طيب ولد العروسي»
يسعى الكاتب البحريني خالد عبد الله خليفة في هذا الكتاب، الصادر حديثا باللغة الفرنسية عن منشورات لارماتان بباريس، والذي تتجاوز صفحاته 216 صفحة، إلى تسليط الضوء على الفولكلور الأكثر شعبية في البحرين، والأكثر تعبيرا عن روح الإنسان البحريني وطرائق تفكيره، وإلى ذلك، هو يركز على التسامح وقبول الآخر، وأيضا التفاعل مع فنون الشعوب الأخرى. لقد ساهمت هذه القيم بشكل كبير في إثراء الفنون الإبداعية البحرينية وتطعيمها بأنواع مختلفة من الممارسات الفنية (الفنون القارية والفنون البحرية والفنون القادمة من الخارج). هذه الفنون تم نقلها من جيل إلى آخر عبر وسيط أساسي هو الكلام أو الخطاب الشفهي. ها هنا يبرز الدور الرئيس الذي لعبته الذاكرة الجماعية التي قدّمت خدمات جليلة لهذه الفنون، ذلك أنها قد حفظتها في مرحلة أولى، ثم طوّرتها وساهمت في إثرائها.
إن الأمر الأساسي في هذا الكتاب يتعلق بفنون الغناء المصوغة في شكل خطاب شعري، كما يتعلق بقدرة المبدع “صانع الخطاب” على ابتكار أشكال موسيقية تتكيف معها والتي تعبر بطريقة أكثر أصالة عن إطار الحياة المحلية.
يحتوي هذا الكتب على فصول خمسة ومقدمة. وقد سلّط المؤلف في هاته الفصول الضوء على فنون الغناء الشعبية الأكثر رواجا في البحرين، كما أبرز دور الفرق النسائية الشعبية في البحرين، زيادة على ذلك، فقد تطرق إلى فن الصوت في الخليج العربي. وقدّم لذلك مثالا حينما أفرد فصلا للفنان الكبير محمد بن فارس مع تقديم جملة من نصوصه. إضافة إلى ذلك أشار المؤلف بالبنان إلى بعض أنواع الفنون الشعبية الرائجة في البحرين من نحو: فن الجبرا، وآلة الصك التنصاري وفن اللواء، ثم خصّص فصلا آخر للحديث عن الفنون الشعبية الغنائية في البحرين. ثم توّج عمله بخلاصة عامة ومجموعة المراجع المتنوعة التي اعتمدها الباحث والملحن والموسيقي والمختص في آلة العود ونقصد بذلك مؤلف الكتاب الذي شغل منصب أول أخصائي في الأنشطة الموسيقية بوزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين. لقد قدم الباحث المذكور العديد من المساهمات الفنية والثقافية في ندوات ودراسات منشورة في مجلات علمية متنوعة منها ذكرا لا حصرا ” مجلة الثقافة الشعبية” الذائعة الصيت.
وخلاصة القول، إن هذا الكتاب يعدّ، في تقديرنا، مرجعا أساسيا باللغة الفرنسية لكل باحث يروم التصدي لموضوع الثقافة الشعبية في البحرين وفي بلاد الخليج العربي.