- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

عيد الحب في المملكة العربية السعودية

اعتاد رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر السعوديون، قبل سنوات قليلة، أن ينقضوا على بائعي الورود الحمراء في يوم عيد الحب. لكن المملكة صارت اليوم أكثر انفتاحا، إذ تشهد عادات ناشئة في المواعدات الغرامية رغم أنها محفوفة بالعراقيل والمخاطر.

لقد كان التعارف خارج إطار الزواج في هذه المملكة المحافظة تعتبر خطوة خطرة للغاية. وكان بعض الشباب يجازفون بكتابة أرقام هواتفهم المحمولة على أوراق يضعونها على نوافذ سياراتهم على أمل التواصل مع فتيات. وطيلة عقود، شهدت المملكة منعا للاختلاط بين الذكور والإناث.

ويمثل الشباب بين 20 و40 عاما نحو 40 في المئة من عدد سكان المملكة البالغ 20,7 مليون نسمة، وفق الإحصاءات الرسمية للعام 2018. اليوم، تقلّصت إلى حد كبير صلاحيات هذه الهيئة التي كانت تعتبر بمثابة شرطة دينية، ويلاحظ اختلاط غير مسبوق بين الجنسين، وبات الشباب والفتيات يلتقون في المقاهي والمطاعم علنا.

يبحث الشباب عن صداقات من الجنس الآخر عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا “تويتر” و”سنابتشات” وتطبيقات مثل “سوورم” المخصص لتسجيل الأماكن التي يزورها مستخدمي التطبيق، لكنها أصبحت تستخدم غالبا لتنسيق المواعيد.

يقول مخرج سينمائي سعودي شاب لوكالة الأنباء الفرنسية بينما يجلس في مقهى يضج بالموسيقى في الرياض مع صديقته “كان بيع الورود الحمراء يشبه بيع المخدرات” في السعودية.

وتقول صديقته العاملة في مجال الإعلام “لم يكن من الممكن التفكير من قبل في رؤية امرأة تجلس في مكان عام بجوار رجل لا تربطها به صلة قرابة” . وتتابع “الآن النساء يطلبن من الرجال الخروج معهن”.

أحيانا، يضطر الشبان والشابات إلى كبت مشاعرهم وعواطفهم والدخول في زيجات لا تقوم على الحب.

وتظهر عمليات المواعدة السرية نوعا من الحياة المزدوجة لدى البعض، سعيا للحصول على قدر من الحريات الاجتماعية تتجاوز قدرة شريحة واسعة من المجتمع على التفهم والقبول.
وكان أمر سميرة (27 عاما) التي تعمل في مجال الإدارة المالية في الرياض، على وشك أن يفتضح حين عثرت أم صديقها على بطاقة مكتوبة بخط يدها قدمتها له هدية.

في المجتمع المحافظ، كان افتضاح أمر الحبيبين الذين لم يكن قد مر على علاقتهما سوى بضعة أشهر، سيثير غضب أسرة سميرة ويعرض العلاقة للانهيار.

لكن الصديق استطاع تشتيت انتباه أمه. ودفع الخوف الشابين إلى التخطيط لمواعدة في دبي متذرعين برحلة عمل.

وتقول سميرة التي اختارت استخدام اسم مستعار كباقي من التقتهم وكالة الأنباء الفرنسية حول هذا الموضوع، “المجتمع السعودي بات أكثر انفتاحا لكن الجميع يكذبون بشأن العلاقات لأن الناس يصدرون أحكاما”.

وأجرت المملكة تغييرات اجتماعية كبيرة وإصلاحات اقتصادية يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إذ سمح للنساء بقيادة السيارات وبدخول ملاعب كرة القدم. وأعيد فتح قاعات السينما وسمح بإقامة حفلات غنائية صاخبة، ووضع حد لاعتراضات رجال دين على مناسبات مثل عيد الحب.

في الأماكن العامة، يمكن رؤية نساء ورجال جنبا إلى جنب. فيما شهدت بعض الحفلات نساء رقصن، بعضهن بدون عباءاتهن وشعرهن مكشوف، مع الرجال، في الهواء الطلق.

لكن إذا كان دور الشرطة الدينية قد تراجع في الشارع، فإن الرقابة الذاتية لم تتوقف داخل الأسر السعودية والمجتمع الذي ما زال محافظا إلى حد كبير.

تقول شابة سعودية في أواخر العشرينات من عمرها  لوكالة الأنباء الفرنسية إنها تشتبه في أن شقيقها “المهووس بالسيطرة” والذي يعمل في الجيش أنه يستخدم برامج تجسس إلكترونية لتعقبها والتأكد من أنها لا تواعد رجالا.

وتقول نور التي تعمل في مجال التنمية الاجتماعية “الشباب السعودي عالق بين القديم والجديد”. وتتابع “استعدادي للمواعدة لا يعني أنني مستعدة للقيام بما هو أكثر”.