- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

قصة انهيار أسعار النفط: حرب روسية معلنة

بسّام الطيارة (خاص)
استفاد فلاديمير بوتين من انتشار فيروس كورونا لفك حلفه النفطي مع السعودية ما تسبب بانهيار رهيب لأسعار النفط الخام في العالم… والمستهدف تكساس… والنفط الاحفوري.
في عام ٢٠١٧ ورغم التباعد السياسي الذي يصبغ العلاقات بين روسيا والمملكة العربية السعودية، تم التوافق بين عملاقي النفط على تقليص كميات النفط التي ينتجها كارتيل النفط (الاوبيك ومجموعة دول في مقدمتها روسيا) والذي يتحكم بكميات النفط المعروضة. هدف هذا الاتفاق كان الحد من تدهور الأسعار العالمية للنفط. وكان هذا الاتفاق مخالفاً لمصالح السعودية التي كانت لا ترى بعين الرضا زيادة انتاج النفط الإحفوري الأميركي. والتي حاولت من ٢٠١٥ زيادة انتاجها لكسر الأسعار وفي نفس الوقت حشر الشركات الأميركية، إذ أن انتاج النفط الإحفوري يكلف أضعاف النفط المضخوخ ويتطلب استثمارات كبيرة. إلا أن تراجع اقتصاديات دول الاوبيك وخصوصاً وصول «العهد الجديد» إلى سدة الحكم في المملكة الوهابية وإطلاق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مبادرة تنمية تحت تسمية «رؤية ٢٠٣٠» كانت تتطلب ضخ تمويل كبير باتت المملكة عاجزة عن تأمينه في ظل تراجع أسعار النفط بسبب زيادة انتاجها.
هنا كان الاتفاق مع بوتين الذي لجم انتاج الدول المصدرة وساهم برفع الأسعار.
قبل أيام وخلال اجتماع في فيينا فوجئ السعوديون بتصلب وزير النفط الروسي دونيس مانتوروف الذي أكد رغبة موسكو زيادة الانتاج رغم أن المؤشرات الصناعية، أي غياب طلب الصين بسبب توقف الانتاجية الصناعية وتراجع حركات النقل والمواصلات في العالم، تتطلب الحد من العرض للمحافظة على الأسعار.
فهم المجتمعون أن السهام الروسية موجهة للنفط الإحفوري الأميركي، إذ أنه ما أن تسرب خبر فك اتفاق أوبيك وروسيا حتى انهارت الأسعار ١٠ في المئة يوم الجمعة في ٦ آذار/مارس ومن ثم فتح بورصات أسيا يوم الاثنين في ٩ من الشهر على تراجع عام بنسب تتراوح بين ٥ و٦ في امئة في حين تراجعت أسعار النفط ٢٠ في المئة. ومن المتوقع أن تتابع تراجعها.
إذا هي حرب اقتصادية بين موسكو وواشنطن تدور حول النفط والغاز. فواشنطن تحارب انبوب غاز «نورد ستريم» وتفرض عقوبات على الشركات المساهمة في مد الانبوب الذي يصل حقول روسيا بوسط أوروبا، إضافة إلى أن شركات تكساس الأميركية تستطيع انتاج نفطها «المكلف» بأسعار نفط بحدود ما بين ال٦٠ وال٧٠ دولار للبرميل إلا أن هبوط الأسعار إلى حدود الـ ٣٠ دولار سوف يجبر عدداً لا بأس به من الشركات الأميركية على وقف استخراج النفط الاحفوري.
كما أن السعودية عادت لزيادة انتاجها رداً على الموقف الروسي وللابقاء على مداخيلها لتمويل مشاريع رؤية ٢٠٣٠ وحربها في اليمن. إلا أن ردة فعل السعودية تذهب في اتجاه دعم المخطط الروسي القاضي بخفض الاسعار عالمياً.
ولكن لن تتوقف نتائج تراجع الاسعارعلى الصراع المزدوج نفطيا (أميركا-روسيا وروسيا-السعودية) بل سينعكس مباشرة على اقتصاديات عدد من الدول التي يشكل بيع النفط مدخولها الأساسي مثل نيجيريا والجزائر والعراق ويتسبب بأزمات داخلية لها، ناهيك عن إيران وفنزويلا وهي الدول التي دفعت ثمن الصراع السعودي الأميركي بين عامي ٢٠١٢ و٢٠١٥.
تمسك روسيا في هذه المعركة بعض الأوراق التي هي خارج معدلات أسعار النفط العالمية،فهي لديها مدخل مباشر إلى السوق الصينية، ولا يستبعد البعض من أن يكون بوتين قد وقع اتفاقاً مع الصين قبل بدء معركته هذه. كما أن موسكو تدعم إيران بشحن صادرات مشتقات نفطية «تسجل كديون مستقبلية» وكذلك الأمر مع فنزويلا ،سوريا. من هنا يمكن القول إن النفط دخل اليوم في لعبة التنافس بين القطبين في خطوات أولى لحرب باردة غير معلنة.