- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ماكرون بعد خسارة أكثريته يسعى لـ«فَرًّقْ ،،،تَسُدْ»

بسّام الطيارة

فاز ماكرون بولاية ثانية ولكنه عجز عن الاحتفاظ بالأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية أي 289 مقعداً من أصل 577 مقعداً. بمعنى أن الناخبين الفرنسيين ارسلوا إشارة واضحة للرئيس مفادها عدم الرغبة في أن يتصرف كما حصل في الولاية السابقة .
وحتى يستطيع ماكرون تنفيذ إصلاحات وتمرير قوانين فهو بحاجة تحالف مع نواب في المعارضة أو «نصف معارضة».
قبل الذهاب بعيدا في البحث عن حليف مقبل لنرى لمادا «التجمع الرئاسي» أصيب بتلك النكسة؟
يعكس ما يعتقد البعض كانت المؤشرات تدل على أن التجمع الرئاسي في خطر الانزلاق عن عتبة «الأكثرية المطلقة» وهو ما صدر على أسن العديد من زعماء التكتل . ولكن لم يكن يخطر على بال البعض أن يسقط عدد الموالين إلى ما دون «النصف زائد واحد» (٢٨٨+١) ما يسمح له بتمرير القوانين مستنداً على حليفيه «موديم» (٤٨ مقعد) و«الأفق» (٢٨) لرئيس الوزراء السابق إدوار فيليب. فيما حصد تجمع الرئيس على ١٦٩ مقعد أي أن مجموع مقاعد الموالين هي ٢٤٥ … رقم بعيد جداً عن المطلوب لإقرار القوانين.
البحث عن حليف في المعارضة سيفتح جروح المعركة الرئاسية ذلك أن أقرب تكتل سياسي هو حزب «الجمهوريين» (ديغول شيراك ساركوزي) (٦٤ مقعد). هذا الحزب الذي حاول نيكولا ساركوزي أن يلحقه في حملة ماكرون ولم يدعم مرشحته «فاليري بيكريس» (وهو ما تسبب بابتعد الحزب عن الرئيس السابق ساركوزي وانتقاده بقوة). هذا التكتل رفض بشكل مباشر الانضمام إلى التحالف الرئاسي رغم تقارب التوجهات السياسية، وهو يفضل التفاوض حول «كل قانون أو مشروع»، وبالطبع لا يريد تسهيل مهمة ماكرون الذي أذل مرشحته التي اكتفت بـ٤،٨٪.
في المعارضة نجد أقصى اليمين الذي اعتبر فوزه بـ٨٩ مقعد أكبر مفاجأة وبالطبع لا يمكن التحالف مع هذا اليمين العنصري رغم أنه يمثل شريحة واسعة من المجتمع الفرنسي. من ركائز نجاح «التجمع الوطني» ورئيسته مارين لوبن إضافة إلى الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة تحول شق كبير من المجتمع إلى شوفينية منغلقة أججتها شعارات اليمين المتطرف واستهدافه المغتربين والمهاجرين.
كما نجد في المعارضة اليسار أو «التجمع الشعبي الجديد البيئي والاجتماعي» الذي حصد ١٤٢ مقعد. وهذا التجمع يجمع «فرنسا الأبية» (٨٦ مقعد) الذي أسسه «جان لوك ميلانشون» والحزب الاشتراكي ٢١ مقعد وحزب البيئة (٢٣) والحزب الشيوعي (١٣ ).
في حال ظل هذا التجمع متضامناً وشكل مجموعة واحدة في البرلمان فهو يكون المعارض الاول وبالتالي يكون من حقه أن يفوز برئاسة اللجنة المالية المهمة جداً. وفي حال انفرط العقد الانتخابي تكون مارين لوبن هي المرشحة لهذا المنصب الذي يؤول دائمة لزعيم المعارضة الأول.
ضمن التجمع الشعبي يستطيع ماكرون محاولة استمالة الحزب الاشتراكي رغم آثار المعركة الرئاسية التي ما زالت ظاهرة.
من هنا يسعى ماكرون لتطبيق سياسة «فرّق تَسُد» فهو دعا ممثلي القوى السياسية التي ستشكل الكتل النيابية في الجمعية الوطنية الجديدة للاجتماع به في الإليزية فراداً في حركة لم تترك المجال لتشكيل التجمع اليساري لإنهاء تفاصيل التكتل البرلماني. ولكن هذه الدعوة قوبلت بالإيجاب من قبل «الجمهوريين» اليمينية والأحزاب الاشتراكي والشيوعي والخضر.
سيظهر من خلال التبديل الحكومي المقبل مدى نجاح ماكرون في استقطاب بعض «الجمهوريين» بانتظار أن ينقشع ضباب نتائج هذه الانتخابات غير المتوقعة، رفض ماكرون استقالة إليزابت بون رئيس الوزراء التي ألفت حكومتها قبل أسابيع قليلة، حتى لا يبدو أنه يتقبل الخسارة.
الجمهوريون كما الاشتراكيون رفضوا تشكيل تكتل النواب الموالين ويفضلوا البقاء في المعارضة، رغم التلميح إلى إمكانية القبول بالقوانين والطروحات التي تحمل أوجه من أفكارهم.
الأيام القليلة المقبلة يتعين على ماكرون تعيين وزراء جدد يحلون محل الثلاث الخاسرين، ولربما يستغل هذه المناسبة لإغراء عدداً من نواب الجمهوريين والاشتراكيين، وتقديم حقائب وزارية مهمة لهم.